رهان على مستجدات ومواقف خارجية لتليين المواقف حيال لبنان
أعطى كلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الجمعة، ومن ثم إتصاله بالرئيس ميشال عون يوم السبت، املاً جديداً بحصول خرقٍ ما بطريقة ما للوضع الحكومي المعقد، حيث اكد للاعلاميين أن «المبادرة الفرنسية هي الوحيدة التي تسمح بالتقدم نحو حل في لبنان، وان خارطة الطريق الفرنسية ما زالت على الطاولة ولا حلول غيرها، وسنفعل كل شيء لتشكيل حكومة في لبنان حتى لو كانت غير مكتملة المواصفات». وحيث اكد ايضاً للرئيس عون «على وقوف بلاده الى جانب لبنان في الظروف الراهنة التي يمر بها، ومساعدته في مختلف المجالات لا سيما في ما يتعلّق بالملف الحكومي».
بدا واضحاً ان لا أمل بحلٍ داخلي للأزمة بكل تفرعاتها السياسية والدستورية، والتي ازدات تعقيداً بعد حرب البيانات بين قصر بعبدا وبيت الوسط، وان كل محاولات سعاة الخير لترميم العلاقات بين الرئيسين عون وسعد الحريري سقطت بالضربة القاضية من الطرفين، حيث ظهر إنعدام التجانس والتفاهم والثقة، وبالتالي صعوبة تشكيل حكومة في هذه الظروف وفي ظل هذه الاجواء.
تَدَخُّلْ ماكرون جاء في اللحظة السياسية والامنية المناسبة التي إنهار فيها كل شيء. إنهار إحتمال تقريب وجهات النظر بين عون والحريري، وإنهارت المعالجات الحكومية للوضع الاقتصادي – المعيشي، فحدث الإنفجار الاجتماعي الخطير الذي تحوّل في ليلة دهماء في طرابلس الى إنفجار اجتماعي – معيشي – امني – سياسي، تداخلت فيه كل عوامل التوتير السياسي والمخابراتي، والعسكري أيضاً مع استخدام القنابل الحربية ضد الجيش وقوى الامن من قبل «مندسين» في الحراك المطلبي المحق وظهور عناصر مسلحة في بعض الشوارع.
وبات واضحاً ان هناك طرفاً يريد توجيه رسائل إلى طرف آخر، وان هناك طرفاً ربما اقليمي يريد ان يُثِبّت أقدامه في عاصمة الشمال من بوابات أحياء الفقراء، على امل الوصول الى بوابات اخرى في مناطق اخرى ولإحداث التوترات تحت عناوين مطلبية معيشية.
وبغض النظرعن الاتهامات المتبادلة والتسريبات التي لا أحد يُمكن ان يؤكد صحتها او ينفيها، عن الجهة صاحبة هذه الرسائل واهدافها الحقيقية، فقد جاءت هذه الرسائل كما تَدَخُّلْ ماكرون، في لحظة اقليمية ودولية مفصلية، قوامها عودة التقارب بين ضفتي الاطلسي الاوروبية والاميركية من جهة، بما يؤثر على الوضع في شرقي حوض المتوسط، وعودة الكلام من جهة اخرى عن ترتيب العلاقات الاميركية – الايرانية، والكلام عن دور إماراتي في بعض التسويات، كان المعلن منها ما قام به المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم للحصول على لقاحات لفيروس كورونا، وإعلانه ان الامارات تجاوبت في ملف الموقوفين اللبنانيين وسيتم اطلاق نصفهم قريباً، بحيث وصل أولهم الى بيروت امس (زيد الضيقة) من ضمن 11 شخصاً تقرر الافراج عنهم بعد إتهامهم بتشكيل خلايا موالية لحزب الله. وكل هذا سينعكس على لبنان بطريقة ما، والرجاء ان تكون إيجابية، لأن الكل بات مقتنعاً أن البلاد العباد اصبحوا في وضع لا قيامة منه.
يبقى السؤال: متى زيارة ماكرون الثالثة التي اعلن الرئيس الفرنسي انه ينوي القيام بها الى بيروت، وهل تكون هي بداية الحل للأزمة الحكومية كمدخل لحل الازمات الاخرى الاقتصادية والمعيشية.لا سيما ان بعض المعلومات تفيد ان ماكرون اجرى اتصالات بدولة عربية معنية بلبنان طالباً تدخلها للمساهمة في هذه الحلول، تردد انها قد تكون دولة الامارات، عدا عن إتصالاته الدائمة بالجانب الاميركي ومطالبته بتخفيف الضغط على لبنان وسياسييه.
وجاء التقرير الجديد «لمجموعة الأزمات الدولية» ليُضيف مسحة تفاؤلية وعامل دفع جديد، حيث طالب بتعديل السياسة الاميركية نحو لبنان معتبراً «أن الصراع السياسي حول دور حزب الله تسبب بتكلفة، حيث عمّق الاستقطاب في البلاد، وكذلك جعل الإجماع المحلي على حكومة جديدة وعلى الخطوات المطلوبة لإنقاذ الاقتصاد اللبناني أكثر صعوبة». وأوضح أنه «يجب على الولايات المتحدة أن تجعل هدفها الأول تقوية الدولة وتجنب انهيارها. إزاء هذه الخلفية، حان الوقت للولايات المتحدة لتغيير أولوياتها».وهذه المجموعة تعمل على منع نشوب الأزمات والنزاعات الدولية في العالم.، وتتخذ لها مقرين في بروكسل قريبا من مقر الاتحاد الاوروبي، وفي العاصمة الاميركية واشنطن.
على انه في حال نجحت المساعي الفرنسية الجديدة، كيف ستتم أعادة ترتيب العلاقة بين رئيسين للجمهورية والحكومة، مفروض ان يُشكل تعاونهما في السلطة التنفيذية مفتاح الحلول للازمات؟ وأي قوة فرنسية او غير فرنسية باتت قادرة على تعديل الكيمياء بينهما والتي افسدتها تركيبات وتراكمات كثيرة؟ هنا يتم التعويل فقط على تنازل الرئيسين وتفاهمهما إذا كانت النية إنقاذ البلاد.