زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان أعطت أملاً بتحسّن الأمور، وأنعشت اللبنانيين وأضفت عليهم نسمة تفاؤل لافتة… فلربما يقوم لبنان من كبوته، ليعود كما كان أو أفضل مما كان، بفضل جهود فرنسا التي كان الجميع ينتظرونها على أحرّ من الجمر.
وأذكّر بما قاله غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، تعليقاً على زيارة الرئيس الفرنسي: «إنّ هذا الوطن للجميع، فإذا كان الموارنة قد ناضلوا، فهم لم يناضلوا يوماً من أجل الموارنة، بل هم ناضلوا من أجل لبنان كله، وهم لم يطالبوا يوماً بشيء لأنفسهم».
ورأى البطريرك ان «ما حدث هو مخاض وُلِد منه لبنان الجديد، هذه مسيرة الشعوب والدول، وبالتالي ليس علينا أن نخاف لأنّ هذه الإختبارات ستساعدنا على النضوج أكثر بولائنا للبنان، وثقتنا ببعضنا البعض، وهذا الواجب علينا أن نعيشه».
إنّ زيارة الرئيس ماكرون للبنان مرتين، خلال شهر واحد، يدلّ بما لا يدع مجالاً للشك على عمق الصداقة بين فرنسا ولبنان. كما تدل على أنّ الرئيس الفرنسي يريد المحافظة على هذه الصداقة، كما لفت البطريرك الى أنّ صداقة فرنسا بلبنان هي في الأساس صداقة فرنسا بالموارنة، لكن الموارنة حوّلوها لتصبح صداقة لفرنسا بلبنان.
ونعود الى الزيارة التي يقوم بها السفير ديڤيد شينكر للبنان وقوله إنّه لن يلتقي بأركان الدولة، ولا بزعماء لبنان، بل هو سيلتقي الثوار، وأنّ زيارته ستكون مخصصة للقاء الثوار فقط. نحن لا نستطيع إلاّ أن نكون مع الثوار ونقدّرهم ونحترم تضحياتهم.
ولكن لنا تمنٍّ كما قال سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية المفتي عبداللطيف دريان لوفد نقابة الصحافة، إذ أكد سماحته «أنه مع مطالب الحراك الشعبي المحقة، وينبغي سماعها وتحقيق أهداف هذه الصرخة، والإسراع بإيجاد حلّ لها والتعاطي معها بشكل إيجابي. أما مظاهر التعدّي على الأملاك العامة والخاصة من تكسير وتخريب وأعمال شغب، فهذا أمر لا يجوز، ولا نرضى به ونحن ضدّه ولا نؤيّده».
وفي العودة الى زيارة الرئيس الفرنسي الذي زار لبنان مرتين في أقل من شهر، إذ لا يمكن أن يكون هذا الإندفاع وهذا الإهتمام بعيداً عن الإدارة الاميركية، خصوصاً أنّ علاقة الرئيس ماكرون بالرئيس ترامب أكثر من جيّدة بل انها ممتازة، وأنّ مجيئه الى لبنان ما كان ليكون بهذا الإندفاع، لولا اتفاقه مسبقاً مع الرئيس الاميركي ترامب.
أما بالنسبة للمعلومات التي تقول بأنّ الرئيس ماكرون جاء ومعه مشروع تسمية الرئيس المكلف مصطفى أديب، وأنه على علاقة مميزة بوالد زوجته وهذا سبب اختياره فكلام لا يستند على منطقية ظاهرة.
أما ما نُسِب قوله الى الرئيس ماكرون للبنانيين، بأنّ عليكم القبول «بالحل» أو أنّ هناك عقوبات تنتظركم وستكون قاسية عليكم، فأمر نفاه الرئيس نفسه.
وأما بالنسبة للتعميم الذي أصدره حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة، حول ضرورة استرجاع الأموال التي تحوّلت من لبنان الى الخارج من سنة 2017 وحتى اليوم، أي خلال 3 سنوات، والتي تقدّر بـ7 مليارات، فإنّ هذه الخطوة إن تمّت فسوف يضاف إليها 5 مليارات أخرى موجودة في بيوت اللبنانيين مخبّأة بسبب الثورة وتوقف المصارف لمدة شهر عن العمل.
أخيراً… بين زيارتي ماكرون وشينكر، يقف اللبناني متسائلاً عن خفايا وخبايا الزيارتين، محاولاً سبر أغوار ما ترسمه الدول الكبرى لمستقبل الشعوب، ما جعل اللبنانيين يتساءلون: بين فرنسا وأميركا… هل يضيع لبنان؟