IMLebanon

هذه هي حصة لبنان من قمة ماكرون – بن سلمان؟!

 

بعد صمت أطراف لقاء باريس الخماسي المَقصود وتجميد حراكهم على الساحة اللبنانية، لم تعدم لا واشنطن ولا باريس وسيلة لِحَضّ رئيس مجلس النواب نبيه بري على ممارسة اللعبة الديموقراطية لانتخاب الرئيس وصولاً الى مطالبته بعقد الدورات المتتالية الى حين انتخاب هذا الرئيس، لكنّ الأمر لم يَلق أي صدى إيجابي. وفي انتظار ما يمكن أن تحمله القمة الفرنسية – السعودية المقررة غداً في الاليزيه، يُطرَح السؤال: أين هو موقع لبنان ونصيبه منها؟

 

أمّا وقد عَبَرت الحلقة الثانية عشرة من مسلسل انتخاب الرئيس أمس، وفي انتظار مرحلة يمكن ان تُطوَى فيها التداعيات التي قد تَتركها على اكثر من مستوى، تتّجِه الانظار الى باريس التي ستتحوّل في الساعات المقبلة الى أولى المحطات الدولية التي ستتناول الازمة اللبنانية من مختلف جوانبها، وذلك بغية استشراف ما شهدته وما يمكن ان تشهده من نشاطات يمكن ان تُحيي البحث في المستجدات اللبنانية بين صديقين كبيرين للبنان.

 

مَردّ هذه الانتظارات يعود الى الاجتماع الذي عُقِد بين وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا والموفد الخاص للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان وزير الخارجية السابق جان ايف لودريان، للتشاور في الوضع القائم في لبنان وتحديد العناوين الكبرى لمهمته في بيروت قبل ان تنتهي الاتصالات والترتيبات الجارية لتحديد موعد زيارته لبيروت مطلع الاسبوع المقبل.

 

وقالت مصادر العاصمة الفرنسية ان الاعلان عن المهمة العاجلة التي كلّف بها لودريان لا يعني انه كان ينوي التوجّه الى بيروت في الأيام التي تَلت التكليف. وقالت ان الادارة الفرنسية قررت التريّث في انتظار بعض المحطات التي يجب احترامها وإعطاؤها ما تستحقه من وقت قبل بدء المهمة. فالمواعيد العاجلة التي واكَبت تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري موعد جلسة أمس لانتخاب الرئيس لم تكن تسمح بترتيب الزيارة وجدول أعمالها لئلّا تُفَسّر تدخلاً سافراً في الشأن اللبناني، كما ان التطورات المتلاحقة التي شهدتها المنطقة لم تسمح بموعد عاجل وان التريّث كان مطلوباً ولو لأيام قليلة.

 

وفي التفاصيل، قالت المصادر انّ لبنان كان يستعد بمختلف كُتله النيابية لجلسة أمس التي كانت مخصصة لانتخاب الرئيس من ضمن مسلسل عقيم امتدّ على مدى 11 جلسة انتخابية وصفت بالفولكلورية، ولم ينتج انتخاباً للرئيس المفقود حتى تلك اللحظة. وانّ السفيرة الفرنسية آن غريو، التي كانت في باريس لمواكبة زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والمشاركة في سلسلة الاجتماعات التي جمعتها بالمستشار لدى الديوان الملكي السعودي نزار العلولا ونظيرها السعودي في لبنان وليد البخاري، لم تكن تسمح بتلك «النقلة النوعية» التي تستعد لها باريس عقب ما تركته الزيارة البطريركية والتحولات الرئاسية على الساحة اللبنانية بفِعل التقاطع بين الاحزاب اللبنانية المعارضة و»التيار الوطني الحر» على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، ولا بد من إعطائها اياما لقراءة نتائجها وما يمكن ان تنتهي اليه هذه المرحلة بما فيها الجلسة الانتخابية أمس.

 

والى هذه المعطيات، فإنّ حالَ التريّث نَجمَت من ضرورة انتظار عودة وزيرة الخارجية الفرنسية إلى باريس، بعدما أمضَت أياماً عدة في الرياض للمشاركة في اعمال الاجتماع الخاص بالدول التي قضت على «داعش» وسلسلة اللقاءات التي جمعتها بشركاء العاصمة الفرنسية في «لقاء باريس الخماسي»، لا سيما منهم وزراء خارجية السعودية ومصر وقطر ولبنان بعدما تعذّر اللقاء الذي كان مُنتظراً للمسؤولين الخمسة في الرياض او الدوحة كما تَردّد من قبل، من دون أن ننسى زيارتها العاجلة الى قطر التي تلت مؤتمر الرياض.

 

وكان كافياً، قالت المصادر، انّ معظم هذا الحراك قادَ الى تحديد موعد القمة الفرنسية ـ السعودية في باريس غداً، والتي ستجمع الرئيس ماكرون بِوَليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وما يمكن ان يكون للبنان من حصة في مثل هذا اللقاء. فالبلدان شَكّلا فريقين متخصصين في الشؤون المالية والعسكرية والمالية عَدا عن الديبلوماسية منها المتصلة بالازمة اللبنانية، ولا بد من أن تكون هذه الازمة على جدول اعمال القمة الى جانب ما فيه من ملفات تتعلق بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين والتعاون المطروح بينهما في مجالات صناعية واستثمارية عملاقة وما يتصل بشؤون الطاقة والصناعات الثقيلة التي تستعد الرياض لِجَذب المليارات إليها من ضمن خطة وَلي العهد المعروفة بـ»20 – 30» على كل المستويات السياحية والصناعية والثقافية، بعد الانفتاح السعودي الذي قادَهُ ولي العهد في أكثر من مضمار.

عند هذه التقاطعات التي تحكم العلاقة بين الرياض وباريس، طرحت الاسئلة عن حجم حصة لبنان في هذه القمة المنتظرة وموقعه على لائحة الازمات الدولية والاقليمية التي تتعاوَن العاصمتان على تفكيكها، بعد سَعي ولي العهد السعودي الى تصفير المشكلات الاقليمية عقب التفاهم مع إيران. وعليه، وإن كان الملف اللبناني ليس على أولويات الرياض في ظل لائحة اهتماماتها الاقليمية بعد اليمن، فإنه على عكس ذلك بالنسبة الى الفرنسيين. فباريس التي تعاونت مع الرياض على مدى السنتين الماضيتين اللتين أعقبتا الأزمة الاقتصادية والمالية ومعها جائحة «كورونا» وجريمة تفجير مرفأ بيروت ومن قبلهما العقوبات السعودية منها قبل الخليجية الاخرى التي فرضَت على لبنان بعد مسلسل صفقات الرمان والليمون المحشوّة بالكابتاغون ما زالت مساراً قائماً. فكيف بالنسبة الى باريس التي تستعد لإطلاق مبادرتها الجديدة مع تكليف لودريان إدارتها؟ وهو لا بد من ان يكون على علاقة تَماس قوية مع أطراف لقاء باريس، والرياض واحدة من أطرافه الاساسية.

 

وبناء على ما تقدّم فإن المعلومات التي تقاطعت بين الرياض وباريس توحي أن القمة الثنائية تشكّل محطة مهمة بالنسبة الى لبنان، بدليل ما سبقها من تحضيرات توزّعت بين بيروت والرياض وباريس في محاولةٍ جديدة للاستثمار في المبادرة الفرنسية التي يراهن عليها أطراف لقاء باريس الخماسي قبل الانتقال الى محطة جديدة، اذا أثبتت الجهود التي بُذِلت حتى اليوم عُقمها.

 

ومَردّ ذلك ان معظم المحاولات الفرنسية ومعها الاميركية بعد السعودية، التي ناشَدت المجلس النيابي رئيساً واعضاء لإتمام الإستحقاق الرئاسي، قد ذهبت هباء. ومن يعود الى نتائج الاتصالات التي فتحت بين بيروت وواشنطن وباريس وما رافقها من دعوات صريحة ليتحمّل المسؤولون اللبنانيون مسؤولياتهم لم تُؤدِ أمس إلى فتح الدورات المتتالية لانتخاب الرئيس كما شددت وزارتا الخارجية الأميركية والفرنسية، فإنّ على أصحاب الدعوات هذه السَّعي الى توفير آلية جديدة وربما استراتيجية كاملة للتدخل بقوة، إنْ كان هناك جواً دولياً قد اكتملت فصوله لإخراج لبنان من أزماته في ظل عجز الداخل عن القيام بأي خطوة إيجابية. ولذلك، فإنّ القمة الفرنسية ـ الاميركية واحدة من هذه المحطات، وما علينا سوى انتظار نتائجها التي قد لا تطول لِفَهمها متى وطَأت قدما لودريان في بيروت مطلع الاسبوع المقبل.