IMLebanon

ماكرون الرئيس القادر على الاغواء والاختراق

انتخاب رئيس جديد للجمهورية في فرنسا هو حدث مهمّ بالنسبة للفرنسيين ولأوروبا وللعالم. أولا، لأن فرنسا هي فرنسا كدولة وبموقعها في القارة العجوز. وثانيا، لأن هذه الانتخابات جرت في عالم متغيّر بشدّة على مستوى بروز قيادة ملتبسة في الدولة الأعظم الولايات المتحدة الأميركية، وظاهرة عولمة الارهاب التكفيري العابر للقارات. وثالثا، لخصوصية شخصية المرشح الفائز بالرئاسة ايمانويل ماكرون، وأسلوبه الصاعق الذي قاده الى خطف الرئاسة في سباق محشور، وهو الرجل الآتي من المجهول، والوصول الى الهدف في زمن قياسي!

***

الرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون هو الرئيس التاسع بدءا من الرئيس شارل ديغول اذا لم نحتسب الولاية التكميلية لعهد ديغول التي شغلها آلان بوير بالنيابة. وكان الرئيس جاك شيراك هو آخر الكبار الذين تعاقبوا بعد ديغول، وهم الرؤساء جورج بومبيدو وفاليري جيسكار ديستان وفرانسوا ميتران. وفي عهد شيراك بدأ عهد التراجع الفرنسي في الداخل وفي الخارج على السواء، وبلغ ذروته مع الرئيس السابق نيكولا ساركوزي والرئيس الحالي فرانسوا أولاند.

***

في شخصية الرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون ملامح مذهلة على الصعيدين الشخصي والعام… فهو على الصعيد الشخصي التلميذ الذي نجح باغواء معلمته وحملها على الزواج منه وليس العكس! وهو على الصعيد العام، الشاب الذي قاد حركة شعبية ونجح باغواء غالبية من الشعب الفرنسي تبلغ نسبتها ثلثي عدد المقترعين، وأوصلته الى رئاسة فرنسا. وهذا الواقع الثاني هو ما يؤكد انه لم يكن الجهة التي تمّ التغرير بها في الحالة الشخصية الأولى عند الزواج بمعلمته… فالشخص القادر على إغواء فرنسا، لم يكن عاجزا عن إغواء المعلمة!

***

يقول خبراء السياسة والمجتمع في فرنسا ان الرئيس ماكرون قطع مرحلة فقط بفوزه بالرئاسة، وان المرحلة الأصعب تنتظره في المرحلة التالية وهي الانتخابات العامة المقبلة في وقت قريب. ومن وجهة نظر هولاء ان الأحزاب التقليدية المترهلة والتقليدية التي توحّدت لابعاد اليمين المتطرف ومرشحته مارين لوبن عن الرئاسة، لا تزال قادرة على قيادة رقصة التانغو في الانتخابات النيابية. ولن نزعم اننا أدرى بشعاب فرنسا من أهلها… ولكن الرؤساء غير التقليديين مثل ماكرون، وهو الأصغر سنّا في التاريخ الفرنسي، يتمتعون بمواهب الاختراق، واقناع غالبية من الجمهور بوضع نقطة على السطر مع الماضي، واستئناف كتابة التاريخ مع بداية سطر جديد!

***

في مثل هذه المناسبات يقال: نتمنى لفرنسا ما يريده شعبها لها، أما كلبنانيين وكعرب يكون الرئيس ماكرون عظيما بقدر ما يكون متعاطفا مع لبنان، ومنصفا في نظرته الى القضايا العربية وفي الطليعة القضية الفلسطينية وطغيان الهمجية العنصرية الصهيونية. ومن الآن والى أن تتضح مواقف الرئيس ماكرون من قضايانا، سيبقى مجرد اسم في سلسلة الرؤساء المتعاقبين في فرنسا…