على الرغم من أن قرار الدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء قد لاقى بسرعة أصداءً إيجابية لدى غالبية القوى السياسية فإنه لم يسلك طريقه نحو الترجمة، بعدما أظهرت المواقف السياسية والحزبية توجهاً نحو التصعيد غير المسبوق في الساعات ال48 الماضية، ممّا يظهر تشدداً وممانعة لأي تجاوب من قبل الغالبية النيابية مع كل القرارات الأخيرة الصادرة على المستوى الدولي، بالتجاوب مع التسويات المطروحة، والتي تسمح بتخطي عقبة تعطيل اجتماعات الحكومة من جهة، واعتراضات مكوّنات حكومية متمثّلة بوزراء الثنائي الشيعي و»تيار المردة»، المقاطعين لأي جلسة قبل تسوية الملف القضائي، والذي سلك منحىً تصعيدياً بعد إصدار المحقق العدلي في جريمة انفجار بيروت القاضي طارق بيطار، مذكرة توقيف بحق النائب والوزير السابق علي حسن خليل، من جهة أخرى.
وفي موازاة هذا الإنسداد، تلاحظ مصادر نيابية في كتلة معارضة، أن تضارب التفسيرات حول صيغة التسوية المتعلقة بمبادرة قديمة ومتجدّدة ، بفصل التحقيق العدلي عن التحقيق الذي يقوم به المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، مردّه إلى صمت حزب الله اللافت، إزاء كل مل يسجّل من تباينات وحملات على مستوى كلّ من «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل»، وبالتالي استمراره بالدفع نحو التهدئة ولكن من دون التراجع عن اعتراضاته القوية على التحقيق العدلي الجاري، وتمسّكه مع «حركة أمل»، بموقفهما من المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.
وبالتالي، فإن انعكاس هذه المعادلة على استئناف جلسات مجلس الوزراء، وضعته الأوساط النيابية المعارضة، في إطار غياب التواصل بين المرجعيات المعنية بالقرار حول كل ما يُطرح من تسويات ومبادرات والتي كان آخرها، مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مع العلم أن رئيس الجمهورية ميشال عون، قد بحث مطولاً خلال الأسبوع الماضي، مع السفيرة الفرنسية آن غريو في هذا الموضوع، كما أن تواصلاً عبر قنوات ديبلوماسية، قد حصل أيضاً مع الثنائي الشيعي، ولكن ما من نتائج عملية قد ظهرت إلى اليوم على هذا الصعيد.
لذا وفي ظلّ التوتر الحالي، تبقى الآمال معلقة على أن تمرّ المرحلة الفاصلة عن إنجاز التفاهمات والتي تكشف الأوساط أنها، تستلزم «كلمة سر» خاصة، بأقل الخسائر الممكنة، وعلى الأقلّ إعادة استئناف عمل الحكومة ، وإعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية كما تؤكد هذه الأوساط، خصوصاً وأن الأفق لتسوية شاملة، لا يبدو ظاهراً، على الأقل في الفترة الراهنة، وبالتالي، فإن هذا الواقع يفترض التركيز على تخفيف وطأة الضغوط المعيشية على اللبنانيين أولاً ومباشرة الإجراءات الإصلاحية التي يطالب بها صندوق النقد من أجل تحقيق أي تعاون في المرحلة المقبلة.
وفي هذا الإطار تضيف الأوساط أنه كلما تأخر انعقاد مجلس الوزراء، انزلق لبنان أسرع نحو الإنهيار، وهو ما قد يعرّض أية برامج مشتركة مع الصندوق أو مع البنك الدولي للخطر وربما التأجيل في الفترة الراهنة وربما الإلغاء، مشددة على أن كل المعالجات أو مشاريع التسوية المطروحة يجب أن تبقى تحت سقف القانون الذي يعتبر بمثابة الخط الأحمر الذي يجب على كل القوى السياسية والحزبية احترامه، بصرف النظر عن الملاحظات والتحفظات أو حتى الشوائب التي يراها بعض هذه القوى.