من خيبة الى أخرى، انحدر الدور الفرنسي في الأشهر الأخيرة، وفشلت فرنسا في أكثر من خطوة، ولم تحقق الديبلوماسية الفرنسية منذ اصطفافها الى جانب كيان العدو الاسرائيلي أي تطور في أي ملف، فلم تحرز أي تقدم في الملف الرئاسي على الرغم من الزيارات الأربع لموفدها جان إيف لودريان، كما لم تستطع ان تحافظ على دورها وعلاقتها بقوى سياسية كانت على تفاهم وصداقة معها، بسبب ما نسب الى زيارة الموفدين الفرنسيين بأنهم حملوا الى لبنان مطالب الدول الغربية، وما تريده “إسرائيل” من الحرب على غزة والجبهة اللبنانية. وثبت في جولة لودريان الأخيرة ومدير المخابرات برنار ايمييه الترويج لتطبيق الـ ١٧٠١ ، وانهما حملا رسائل ضغط لعدم التصعيد على الجبهة الجنوبية.
ومن المتوقع، كما تقول المعلومات، ان تصل الى بيروت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا لتفقد الكتيبة الفرنسية في الناقورة، واجراء لقاءات سياسية مهمة، بحيث تسهم الزيارة في حلحلة العقد التي تعتري العلاقة اللبنانية – الفرنسية ، وتمهد لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى لبنان في فترة الأعياد، حيث تأتي زيارة ماكرون المخصصة لعيد الميلاد مع الجنود الفرنسيين، تكملة لما بدأه ماكرون من انفتاح على لبنان منذ انفجار بيروت، وتأكيدا على متانة العلاقة مع لبنان. فمن الواضح ان الإدارة الفرنسية تسعى لتعزيز اندفاعتها في الملف اللبناني، وتصويب المسار الذي شهد تراجعا في العلاقة بسبب الموقف الفرنسي من حرب غزة. وفي هذا الاطار، تعتبر الزيارة المرتقبة لماكرون الى مقر القوة الفرنسية العاملة في اليونيفل محطة مهمة، في اطار تثبيت مهمة اليونيفل، وتأكيد على ان فرنسا لم تتخل عن دورها والتزاماتها لبنانيا.
وتقول اوساط ديبلوماسية ان باريس تسعى لترتيب أوراقها لبنانيا، وتوضيح كل ما رافق مهمة موفدها لودريان الى لبنان حول الوضع الجنوبي والتمديد لقائد الجيش، وما حكي عن ضغوط “إسرائيلية” لتكون منطقة جنوب الليطاني منزوعة السلاح، وتسعى ايضا لتحسين العلاقة مع حزب الله التي تأثرت بأحداث ٧ تشرين، وقد تبلغ الفرنسيون من خلال الموفد لودريان استياء الحزب من الموقف الفرنسي المنحاز “لإسرائيل”. واشارت الاوساط الى انه يمكن ان يتضمن الاهتمام الفرنسي العلاقة بالقيادات اللبنانية المسيحية والمعارضة، التي تجد انحيازا فرنسيا الى مرشح حزب الله الرئاسي.
أبرز ما في الحراك الفرنسي، بحسب الاوساط الديبلوماسية، ان باريس تسعى لاستعادة دورها والقيام بالدور الاستثنائي، في بلد له مكانته الخاصة لفرنسا نظرا لموقعه الاستراتيجي والحيوي لمجاراة المتغيرات المقبلة، كما تسعى فرنسا لنفي حصول اي تبدل جوهري في النظرة الفرنسية الى الملف اللبناني، وما يقال عن اهتمامها بتأمين علاقاتها الإقليمية واستثماراتها ومشاريعها على حساب علاقتها الصادقة بلبنان.