يعود ملف بيع اراضي المسيحيين الى الواجهة كل فترة، ويعود البعض الى دق ناقوس الخطر، بهدف استفاقة المسيحييّن من الخطر الذي يدهمهم في مجمل مناطقهم، بعدما باتت عملية بيع اراضيهم تشكل خطراً، وتساهم تدريجياً في خسارة الوجود المسيحي في لبنان، خصوصاً في المناطق المختلطة طائفياً، حيث تكثر مافيا الشراء والسماسرة، فيتصّدى لهم البعض من خلال البيانات فقط، التي تصدرها الاحزاب وفاعليات المناطق، فتدعو الى التشبث بالارض ووقف عمليات البيع المشبوهة، أي من خلال الكلام المعنوي من دون أي حلول جذرية تنهي هذا الملف، الذي ينذر بتداعيات سلبية جداً على المسيحيين، لانهم سيجدون انفسهم بعد فترة ضيوفاً في بلداتهم، بحسب ما ترى مصادر سياسية مسيحية لطالما نبهّت الى هذه المخاطر.
وآخر عمليات البيع هذه جرت في بلدة مغدوشة في قضاء صيدا، حيث نفذ الاهالي اعتصاماً في البلدة قبل ايام احتجاجا على بيع اراضيها، واقفلوا الطريق لبعض الوقت، بمشاركة راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك المطران ايلي حداد، منبهين الى ما يجري في بلدتهم، واكدوا أن الاعتصام موّجه ضد الاشخاص الذين يبيعون اراضي المنطقة التي كافح من اجلها الاجداد، كما ناشدوا المسؤولين التحرّك الفوري للحدّ من عمليات البيع، بحيث بتنا نرى يومياً اعلانات البيع في الصحف والمجلات المتخصصة في ذلك.
الى ذلك ذكرّت المصادر المسيحية بالدراسة التي صدرت منذ مدة عن الرابطة المارونية، والتي كشفت مدى تجاوُز بيع اراضي المسيحييّن الخط الاحمر في عدد من المناطق اللبنانية، وبصورة خاصة الشوف الذي بات يحتل المرتبة الاولى في هذا الاطار، بعدما تجاوزت نسبة البيع فيها 4 ملايين و950 الف متر مربع، ما يعني طريقة جديدة لتهجير المسيحييّن من ارضهم، وتهديد للمفهوم الديموغرافي والطائفي لهوية الجبل، اذ رأت ان هذه الظاهرة باتت تشكل خطراً طغى على كل القضايا والملفات، ما يؤدي الى تهديد الوجود المسيحي الذي سيضحي أقلية زهيدة، اذ يتم نقل الملكية من المسيحييّن الى طائفة اخرى، وهذا من شأنه جعل هوية الجبل المسيحية- الدرزية تتأرجح، لافتة الى ان المبالغ التي تعرض على المالكين المسيحييّن كبيرة واكثر من مضاعفة، وتأتي في فترة العوز وتختار المحتاج دائماً الى المال.
واشارت الى ان البيع ما زال يطاول ايضاً اراضي في بيروت والمتن وجبيل وجزين وشرق صيدا والبقاع، واللافت بصورة خاصة الى ان مناطق كسروان تتعرّض منذ فترة لعملية شراء ابنية قيد الانشاء بمبالغ خيالية، من أثرياء لبنانييّن من طوائف اخرى، ومن خليجيين يفضّلون شراء اراض في مناطق مسيحية، حيث لا يتعرضون الى مضايقات من احد، سائلين عن المرجعيات الدينية ونواب المنطقة الصامتين إزاء ما يجري من مجازر ضد اراضينا، التي دفعنا ثمنها شهداء كي نبقى فيها، واشاروا الى ان جونيه وادونيس وزوق مكايل وادما وغدراس تتصدر في عمليات البيع.
وذكرّت المصادر المذكورة بما جرى قبل عامين في تلة الوروار في منطقة الحدث، التي بيعت لعائلة من الطائفة الشيعية، لكن بعد جهود بذلتها شخصيات سياسية مسيحية، وبدعم من البطريركية المارونية، بحيث قام عدد من المستثمرين المسيحيين بإنقاذ الوضع واستعادوا التلة بدفع اموال باهظة.
وختمت بالدعوة الى الاعتصامات في كل المناطق، التي تجري فيها عمليات بيع اراضي المسيحيين، لمنع أي مسيحي من بيع ارضه.