بعيداً عن المضمون السياسي وهو الأهم من دون أدنى شك.
وبعيداً عن إقتناعنا الراسخ أنّ مؤتمرات القمة باتت مجرّد استعراض تلفزيوني… وهي أصلاً لم تكن غير كذلك »إلا نادراً« ومن تجربتنا في حضور مؤتمرات قمم عربية عديدة بما فيها الجلسات السريّة وتلك الختامية…. نعرف هذه الحقيقة.
وبعيداً عن تخلف اعضاء الوفد الوزاري الى القمة عن مرافقة الرئيس تمام سلام الى نواكشوط… علماً أن الوزراء الثلاثة (الخارجية والمغتربين جبران باسيل، والمالية علي حسن خليل، والصحة العامة وائل أبو فاعور) لم »يتفقوا« على التخلف عن القمة إنما تقاطعت منطلقاتهم (المختلفة) عند هذه النقطة.
وبعيداً عن صوابية الحضور الى نواكشوط نهاراً والنوم في الدار البيضاء (المغرب) ليلاً أو عدم صوابيتهما.
بعيداً عمّا ذكرنا وهو قليل، وما لم نذكر وهو كثير، فإن ما لفتنا ان كلمة لبنان التي ألقاها رئيس الحكومة جاءت على صياغة محبوكة في لغة صامدة البنيان، تجانس فيها المبنى والمعنى الى حد كبير… وهذا افتقدناه من زمن. وتحديداً منذ مطلع التسعينات في عهد الرئيس المرحوم الياس الهراوي، حيث افتقد البيان سحره، ومعلوم »أن من البيان لسحراً« كما نعرف وكما علمونا، وكما رددنا منذ الصف الثانوي الأول .
أمران افتقدناهما في الخطاب الرئاسي منذ مطلع التسعينات حتى اليوم وهما: سحر البيان والإشارة الى المنتشرين اللبنانيين في مختلف أنحاء العالم.
كان رؤساء الجمهورية يتحدثون قليلاً… ولكن عندما يتحدثون (قراءة) فإنما تتراكض الكلمات الى الروعة، وتتراقص في البيان والتبيين، ونجد ضروب الجمال في لغتنا الرائعة تتمايل وتتخايل، حتى لنظن أنّ الرئيس هو شيء من أمين نخلة على يوسف يونس، على كرم ملحم كرم على الشيخ عبداللّه العلايلي، على مارون عبود (…) ولم يكن أي كلام ليتجاوز أبناءنا المنتشرين، إلا منذ خطابات الرئيس الياس الهراوي وبعدها عموماً وليس شمولياً… ولا نعرف من وراء هذا التقصير؟ جيش المستشارين أو حرص من أصحاب الفخامة المتعاقبين.
ونحن إذ ندعو الى سحر في البيان، خصوصاً الخطب الرئاسية المكتوبة لا يفوتنا أن نذكر أن الشيخ بشارة خليل الخوري (والد الإستقلال) مع الكبير الآخر رياض بك الصلح كان ينطق درراً، ويكتب درراً ويخطب درراً، ويمتاز عن سواه بأنه كان يكتب خطاباته بيده. وليس معيباً ألاّ يجيد الرؤساء حرفة الكتابة أو فن الخطابة، إنما المعيب ألاّ يكون المستشارون والكتبة على قدر هذه المسؤولية…
وإذا كان الله لم يقذف في صدور رؤساء نوراً كتابياً. فلماذا كانت عقولهم قاصرة عن استذكار ابنائنا المنتشرين الذين يشعّون نوراً وعمراناً وسياسة (و…) في مختلف أنحاء العالم.