عندما يقول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «إننا لا نحمل عصا سحرية لمعالجة المشكلات التربوية دفعة واحدة»، لا بد أن نصدقه… والأمر لا يقتصر على القطاع التربوي، ذلك أن ضرب كل قطاعات البلد لم يتم بعصا سحرية، وإنما بمخطط مدروس على النقطة والفاصلة… وكل من تولى مسؤولية في هذه المنظومة المدجّنة مسؤول عنه لأنه شريك، وإن بشروط وبحدود.
لكن عندما يقول دولته إن «حزب الله هو حزب سياسي موجود على الساحة اللبنانية، ولبنان دولة مستقلة ولا اعترف بوجود نفوذ ايراني في لبنان»، فليسمح لنا بالإختلاف معه. وتبيان عكس ما يقول لا يحتاج عصا سحرية ولا قارئة فنجان.
والسبب أن العصا السحرية التي لا يملكها هي في غير يده، ويتم استخدامها من دون أن يفهم المواطن كيف ومتى ولماذا. ولعلها التفسير الأنجع لمقولة «ما خلّونا» التي تشمل كل القوى المتصارعة على السلطة.
فوظيفة العصا السحرية قضت بإنتاج تسوية رئاسية، فقط لا غير، ولا يدخل ضمنها بند متعلق بتحقيق إصلاحات تلمّع «العهد القوي» أو تثبته. الأمر لا يناسب اليد المتحكمة بالعصا، والتي لا تثق بمن تحالفت معه، إذا ما تمكن من إنجاز يتيح له التحرر منها.
وهذه العصا هي التي ترفع سعر صرف الدولار متى ارتأت أن الأمر مطلوب، وهي التي تعود وتخفضه، إيضا متى ارتأت أن الأمر مطلوب.
وهي التي تتحول إلى عصا قمعية ورصاص مطاطي يطلق على عيون المتظاهرين تحت شعار «كلن يعني كلن» ولا يصيب المخربين الذين دأبوا منذ بداية تحرك 17 تشرين 2019 على أعمال الشغب للقضاء على إرادة رافضي هذه المنظومة.
وبالطبع، لا فعالية لهذه العصا بيد ميقاتي ووزير داخليته بسام مولوي، إلا بمقدار ما يتم اكتشافه من مخدرات مزروعة في الفاكهة والشاي والحلوى، على أمل ترميم العلاقة مع الدول المتضررة من عدوان الكبتاغون عليها، لتستقيل من فعاليتها لجهة الكشف عن أصحاب هذه المخدرات وسبل القبض عليهم.
وهذه العصا لها سرها في نفض الغبار عن اقتراح قانون متعلق بتعديل أصول المحاكمات الجزائية، في محاولة لنزع بعض الصلاحيات المهمة من مدعي عام التمييز، وإناطتها بوزير العدل.. والسر لا يتعلق بمحاسن الصدف وإنما بمصالح من يعمل حثيثاً لقبع المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ طارق البيطار.
ولا يأس مع سحرها. ما علينا سوى ترقب مصير إجراء الانتخابات التي لا لزوم لها مع الإيحاء بأنها ستعيد أصواتها فطاحل المنظومة ذاتها، وتحديداً بند انتخابات المغتربين الذي يقلق «العهد القوي» والذي قد يفسر نفض الغبار عن اقتراح القانون المؤدي إلى القبع.
وما علينا سوى متابعة مرتزقة المحور الإيراني وإعلامهم، وإصرارهم على تسخيف أحلام التغيير، وتلويحهم بأن اللبناني لا يخرج من ولاءاته المذهبية وانتفاعاته التي تعودها ممن ينتخبه، لأنه يفضل ألّا يخسر ما تعوَّد عليه على أن يغامر ليربح وطناً.
وظيفة العصا السحرية أن تردع مثل هذه المغامرة. والمهزلة أن يتحمل الشعب وزر حكام منتخبين بنظر المجتمع الدولي.
فهو قد يتغاضى عن كل ما يلوح به من تهديدات إذا لم تجرَ الانتخابات، ما إن يحصل على صفقة جيدة مع إيران يكون ثمنها لبنان…
بالمختصر المفيد… معه حق ميقاتي… ولا عصا سحرية لإنقاذ البلد، وإنما لتدميره وإبقائه رهينة الاحتلال الإيراني حتى تنبت عصا أخرى سحرها كفيل بالقضاء على الأولى.