Site icon IMLebanon

بانوراما… من البابا إلى ماغي محمود 

 

قلَّما اختزنت 48 ساعة كمية معانِِ تلخص ما وصلنا إليه من إجرام وفساد وقلة قيمة وانعدام وزن.

نبدأ بالبابا فرنسيس الذي انتظرناه في بيروت فظهر في المنامة. أرجأ زيارتنا، فنسَبنا التمنع المفهوم الى وضعه الصحي، ثم جال مذذاك على أكثر من قارة ملتقياً محبيه ومتضامناً مع الضعفاء، الى أن تابعناه أمس عبر الفضائيات مشاركاً في “ملتقى البحرين للحوار” في ثاني زيارة لدولة خليجية بعد الإمارات، والسابعة لدولة عربية.

أما المشهد الدرامي الذي لا يُنتسى، فكان لرئيس حكومتنا لتصريف الأعمال في “قمة الجزائر”. أدهشَنا ببكائية نعَت لبنان قبل أن يكسر يده ليشحد علينا في موقف ذلّ موصوف ما كنا لنضطر له دولة وشعباً لولا شركاؤه في السلطة الذين خسفوا بمواطنيهم الأرض وحوَّلوهم محتاجين “على باب الله”.

فصلٌ آخر متزامن. “ساحة النجمة” مسرحٌ لمناقشة “وصية” الرئيس ميشال عون الأخيرة، وفيها تحريض ضد ميقاتي وحضٌّ للنواب على إثارة موضوع الصلاحيات، فانشغلوا بـ”جنس الملائكة” بدل أن يبادروا الى عقد جلسات مفتوحة لملء الفراغ الرئاسي، وبدل أن يتوقف أصحاب الأوراق البيضاء عن التعطيل الممجوج خدمة لفريق “8 آذار” الراغب بالظفر برئيس يتابع السيرة المزرية لـ”العهد المشؤوم”، أو بشبه رئيس مهدور النخوة يُستخدم كعكاز.

ذروة البانوراما هي مأساة التلميذة ماغي محمود التي قضت تحت سقف المبنى الرسمي المعروف بـ”مدرسة الأميركان” في حادث جدَّد آلام كل لبناني أُصيب أحبَّتُه جراء الإهمال وتفكك المؤسسات. قبل ماغي غرق مواطن في أول شتوة، ولا يمر أسبوع من دون ضحايا جراء حفر طرقات او تلوث مياه أو انعدام الخدمات.

أكثر إيلاماً من مقتل ماغي محمود ذاك الشعور بأنه جزء طبيعي من الأثمان التي يدفعها اللبنانيون جراء الانهيار العام. ولأجل شباب ماغي المخطوف، لا يجوز لنا الاكتفاء بالتفجع عليها مرفقاً بالدعوة الى التحقيق والتعويض. نحن ملزمون أخلاقياً ووطنياً وانسانياً بأن نشير بإصبع الاتهام الى مَن يتسبب بهذه الآلام كلها ويؤخر بذرائع واهية مسار الخروج من النفق وأولى خطواته انتخاب رأس للبلاد.

لن نيأس من تكرار أن السلطة الفاسدة التي تحكم لبنان مسؤولة عن المصائب التي حلَّت بكل الناس. لا يمحو جريمتها تذرعها بشرعية منحتها لها انتخابات أعادت ممثليها الى البرلمان، ولا وقاحة التصريحات، ولا مهارتها في التفاوض مع اسرائيل بواسطة الأميركيين لترسيم بحري، هو في جوهره تنازل عن مساحات واسعة وثروات دفينة لضمان استمراريتها، رغم أن “انجازاتها” جلية في عتمة الكهرباء ونهب المدعوم وتسييب المعابر وسرقة الودائع والتسبب بتفجير العاصمة ومنع القضاء من كشف الحقيقة.

دم ماغي محمود في رقبة “المنظومة” وليس القضاء والقدر على الإطلاق. مسؤولية المتعهد ومدير المدرسة والوزير تفصيل بسيط أمام نهج إجرامي متمادِِ على أعلى المستويات لم يكتفِ بتصديع مدرسة ماغي محمود بل صدَّع الدولة من الرأس الى الأساس ويُصرُّ على الرقص فوق الركام.