IMLebanon

تعميم تربوي لخلق الفوضى !

عمّم وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب “على جميع الثانويات والمدارس الرسمية والخاصة والمعاهد والمدارس المهنية الرسمية والخاصة التزام مضمون المادتين التاسعة والعاشرة من الدستور اللبناني وعدم إصدار أيّ أنظمة أو قرارات او تعليمات من شأنها المس بالحرية الدينية وبحرية التعليم أو بوسائل التعبير عنهما وبثقافة التنوع وقبول الآخر وتعزيز مفهوم الديموقراطية ما دامت تمارس بما لا يعارض النظام العام أو يخل به”.

كأن وزير التربية حوّل قضية تلك الفتاة التي خالفت النظام الداخلي في مدرستها قضية شخصية، يريد من خلالها عدم التراجع عما ذهب اليه، فأخرج الأمور من إطارها لتتحول قضية مذهبية أكبر من حجم الوطن، اذ هي مسألة شائكة في معظم الدول، وخصوصاً ذات الطابع العلماني.

لا مشكلة مع الحجاب الإسلامي، فهو لباس خاص بمن شاءه، خصوصاً في بلد التعدد والتنوع والعيش المشترك. بل أكثر من ذلك يجب ان يكون موضوع تقدير لمن ترتديه باقتناع، كدليل الى الايمان والخشوع، لا مظهراً مفروضاً، أو للتحدي.

المشكلة هنا ليست في قبول الحجاب او منعه، وإنما في احترام الأنظمة الداخلية للمؤسسات والجامعات. فكم من مؤسسة إسلامية الطابع، اعلامية ومصرفية وتربوية، ترفض توظيف المحجّبات، والأمر ليس طائفياً، بل يدخل في إطار نظام العمل المعتمد لديها، ولا يتدخل وزير مال او اقتصاد او اعلام لفرض ارادته عليها. وكم من مؤسسة إسلامية لا تستقبل سافرة سواء أكانت مسلمة أم مسيحية، لأن نظامها الداخلي يفرض الحجاب، ولا يتدخل أحد في شؤونها الداخلية. وفي هذا احترام للمؤسسات وخصوصياتها وقوانينها، في بلد ينص دستوره على عدم المس بـ “حقوق الطوائف لجهة إنشاء مدارسها الخاصة”.

والمعارف العمومية التي تصدرها الدولة اساساً مغيبة، وابرزها كتاب تاريخ موحد، حبذا لو يخطو الوزير او حكومات الوحدة الوطنية قدماً في اتجاه انجازه.

في تعميم الوزير بو صعب ما يتجاوز دور المدرسة، لأن الدستور يُلزم كل المؤسسات الوطنية والعاملة ضمن القوانين اللبنانية، فإما ان تحترم كلها الشعائر المنصوص عنها، واحترام حرية الغير، وخصوصية الأديان والمذاهب، أو ان يبقى الوضع على ما هو عليه في اعتبار الخصوصيات القائمة.

في الأمل المنشود ان يكون النظام علمانياً، لا ان تنتهك الطوائف والمذاهب أنظمة المؤسسات العلمانية القائمة، والتي ترفض المظاهر الدينية، فتلزمها بالشعائر المتعددة، وتدخلها في أتون الصراعات. هذا التعميم يثبت واقعاً سيئاً، بل يزيده سوءاً، ولا يلغي الانفعال في حل مشكلة قائمة، بل يحرك الاهالي والتلامذة على افتعال مشكلات وخلق فوضى في كل المدارس والجامعات.