في اقتناعي ان الانتخابات البلدية، وحتى الاختيارية، التي تلبس طربوش الانماء، لا بدّ وان تترك ذيولاً سياسية اكبر حجماً مما يعتقد البعض، واذا كان هذا الحجم سيتظهر بصورة اوضح في المدن والبلدات والقرى ذات الاغلبية المسيحية، بسبب التفاهم التاريخي الذي حصل بين حزبي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، الاّ ان امتداداته ستطول المناطق الأخرى، في البلدات والقرى التي تعيش حياة مشتركة بين المسيحيين والمسلمين، بنسبة معقولة هذه المرّة، وبنسب اعلى في الانتخابات المقبلة، ليس في الانتخابات البلدية والاختيارية فحسب، بل ايضاً في الانتخابات النيابية المرجّح ان تحصل في خريف سنة 2017، وليس مستبعداً على الاطلاق ان تعيد نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية، خلط التحالفات السياسية بين الاحزاب والتيارات، داخل قوى 14 آذار، او بينها وبين قوى من 8 آذار، الاّ ان المؤكد، وبنسبة متقدمة من النجاح، ان التفاهم القواتي – العوني، استطاع ان يتماسك ويتعايش مع النجاح والفشل، في حرصهما على خوض الانتخابات البلدية في لوائح مشتركة، ولكن ما كل ما يتمناه التحالف يدركه، على الاقل في اول تجربة عملية لهما على الارض، وبوجود عوامل عدّة لا تساعد على واجب حماية هذا التفاهم الذي حلم به المسيحيون من اصحاب النيّات الطيّبة، من التآمر عليه وهو ما زال طفلاً، من اصحاب النيّات السيئة ومن الخائفين على مصالحهم الخاصة، محاولين قتله قبل ان يشتدّ عوده، ويصبح رقماً صعباً في الحياة السياسية اللبنانية، ومن تابع جلجلة تشكيل اللوائح في عدد من البلدات والمدن، لَمَسَ لمْسَ اليد العقبات والعراقيل التي وضعت عن قصد في غالب الاحيان، وعن جهل وسوء تفكير في احيان اخرى، وعمل الفريقان المتحالفان على فكفكتها، اذا أمكن، وتجاوزها بالتي هي احسن، اذا استعصت، بنيّة عدم الوقوع في تجربة الخلاف، ولا بأس من الاختلاف، بعيداً من هدم الجسور، ويشهد للمولجين بتوليد اللوائح، انهم اوصلوا الليل بالنهار، ليكون مولودهم من ابناء الحياة والسلامة، كما يسجّل للرئيس سعد الحريري، التزامه بوصيّة المرحوم والده الشهيد الرئيس رفيق الحريري، باعتماد المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في الانتخابات البلدية للعاصمة بيروت، على الرغم من بعض الاصوات التي ارتفعت برفض هذه المناصفة، وببعض اللوائح التي تجاوزتها، بحجّة انها لوائح لعلمانيين غير طائفيين، وكان يمكن للمرء ان يصدّق هؤلاء، لو انهم شكّلوا مثلاً لائحة من 14 مسيحياً وعشرة مسلمين، أو اشركوا 12 مرشحاً مسيحياً علمانياً بلائحتهم، وهم بما قاموا به يفاخرون بقسمة بيروت الى قسمين، قسم مسيحي وبلدية مسيحية، وقسم اسلامي وبلدية اسلامية، وهذا هدف تقسيمي ليس في مصلحة احد.
* * * *
اللافت هذه المرة في الانتخابات البلدية، ان هناك تفهّماً للتفاهم المسيحي – المسيحي القائم بين القوات والتيار الوطني، لدى القيادات الاسلامية، مثل النائب وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري، وخصوصاً في البلدات والقرى المختلطة ذات الاكثرية المسيحية، او البلدات والقرى المختلطة ذات الاكثرية الاسلامية، بحيث ترك للمسيحيين في اقضية جبل لبنان مثلاً، اختيار ممثليهم دون ضغوط او رفض، وبالتفاهم مع شركائهم الآخرين، على عكس ما كان يحصل سابقاً قبل قيام التفاهم، والأمر ذاته يحصل في عكار والبقاع الغربي والضنية وغيرها من المناطق، وهذا تصرّف سليم وواعٍ ويصبّ في خانة تمسّك الجميع بصيغة العيش المشترك، لأن المسيحيين يتركون ايضاً لشركائهم في هذه المناطق اختيار من يرونه مناسباً دون وضع «فيتو» على أحد، واذا اتبع الاسلوب ذاته في الانتخابات النيابية، وفي ظل هذا الواقع الطائفي والمذهبي القائم، فلن يكون هناك اي مشكلة، او اي شكوى من تسلّط فريق على حقوق الفريق الآخر، كما يحصل في هذه الايام، وبذلك يكون اللبنانيون جميعاً قد استفادوا من تجربة الانتخابات البلدية لاعتمادها في الانتخابات النيابية المقبلة… هذا اذا حصلت