IMLebanon

ماجدة الرومي: «الله يتقبّل منّي الصّلاة»

 

 

أعرف أنّ ماجدة الرّومي الإنسانة الكبيرة والفنانة الكبيرة والصديقة الكبيرة لن تزعل منّي إن استخدمت جملة من رسائل تبادلتها معها بالأمس بعد قراءتي خبر تكفّلها بتأهيل “طريق الموت” التي لقي عليها الفنان الشاب جورج الرّاسي ومديرة أعماله زينة المرعبي فجر يوم السبت 27 آب من الشّهر الماضي، اليوم الأربعاء وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع على اعتراف الدّولة الفاشلة التي لم تتّخذ أي إجراء أمام مصيدة طريق المصنع التي قتلت كثيرين بجهود السيّدة ماجدة الرومي وبتنفيذ الجيش اللبناني ستتحرّر أرواح اللبنانيّين من هدر الأعمار على طرقات أمعنت الدّولة ووزاراتها في إهمالها كما في إهمالها أدنى معايير السّلامة واحترام المواطن اللبناني الذي يتجرّع مرارات العهود التعيسة التي قضى آخرها على لبنان وشعبه.

 

لماذا هذه الجملة؟ الأمر في مفهوم ماجدة الرّومي ـ وأدّعي أنّني من قلائل يستطيعون التنظير لجوهر فكر وإنسان ماجدة الرّومي بحكم امتداد عمر صداقتنا ـ كلّ ما تفعله ماجدة ينطلق من مفهوم محوره لحظة عودتها إلى الله والوقوف بين يديه سبحانه وسؤاله لها “ماذا فعلتِ بالوزنات؟” [مثل الوزنات والأمانة في استثمار المواهب (متّى 25: 14 ـ 30)] باستطاعة أي صحافي أو راصد أو مهتمّ بأعمال ماجدة الرّومي أن يعثر على هذا السؤال في الموقف مذكوراً في تسعين بالمئة على الأقلّ من لقاءاتها ومقابلاتها، بهذا الصدّق والمنهاج تعيش قمّتان إنسانيّة وفنيّة في مكونات هذه السيّدة بدءاً من صوتها، وعقلها ونفسها وبدنها وروحها، وليس هناك من داعٍ هنا أن أنقل ما قلتُهُ أنا لـ”ماغي” ولكن يعنيني جدّاً أن أنقل جوهر هذه السيّدة البسيط في تركيبه بكلمات شديدة التّواضع والصدّق أوّلاً وثانياً وثالثاً بكلمات قليلة اختصرت ما فعلت: “بمبلغ معقول حاولت خلّص حياة النّاس فوق (طريق المصنع) وتكون روح جورج الشّاب وكلّ اللي ماتوا على هالحفّة بالذّات ما راحت هدر”.

 

الأمر ليس مجرّد فنّ أو مطربة أو مجرّد إنسانة شفّافة من دون روح شديدة السموّ ونفس طيّبة مطمئنّة بالخير وعقل مؤمن في زمن يبتعد فيه المؤمنون عن الإقدام يصبح الفن والإنسان لا قيمة حقيقيّة إنّ لم يكن هو حقيقةً لله وللنّاس.. كلّ “الواصلين إلى الله” في كلّ الديانات، في الإسلام وفي المسيحيّة يخوضون معراجهم الرّوحي يقطعون “الوديان للوصول إلى السيمرغ” وفي لحظة الوصول يعيدهم الحقّ جلّ جلاله إلى النّاس ليكونوا بينهم علامات ومنارات تضيء هذه البحار السوداء المتلاطمة من حولنا من الشرّ والجحود والكفران.

 

“سيّدة السّلام” يا ماجدة السّلام مع السّماء والأرض أنتِ في هذه الأيام الحالكة السّوداء أبهى صورة للمواطن اللبناني والعربي خصوصاً، وأشدّد على العربي في زمن نعيش فيه محنة هوية لبنان، “كلّ عمرك هيك” الشّجاعة المقدامة التي تتقدّم حيث يتخوّف الآخرون، يوم كان لبنان يرزح تحت الإحتلال غنّيت من القاهرة “شيلوا الإيد اللّعينة” ويوم كان النّاس يهربون من الذّبح في الجزائر ذهبت إلى هناك، ليلة سقطت بغداد رفعت صوتك من القاهرة أحلف بسماها وبترابها يوم قتلوا خيرة رجالات لبنان رفعت صوتك ترفضين إحباطنا “قدر الأحرار” وأعرف أنّ في جعبتك الكثير بعد، بارك الله لك بوزناتك وتقبّل منك الخير والصّلاة.