استحوذت الكلمة ـ الصرخة التي خاطبت بها السيدة ماجدة الرومي حضور حفلها مساء الأحد الماضي على اهتمام اللبنانيين خصوصاً أنّها تأتي في عزّ الفراغ والتّعطيل والإصرار على خنق البلاد لمصلحة أجندات ينتظر أصحابها حصول إيران على مكاسبها من مفاوضات التحاور مع السعودية وأميركا ودول الاتحاد الأوروبي وادّعاء انتماء لبنان لـ”محور فاشل” يدّعي الممانعة.
يذكّرنا محور الممانعة بأيّام أعلن المقتول معمّر القذّافي ولادة ـ سيّئة الذّكرـ جبهة الصمود والتصدي في تشرين الثاني عام 1977 ردّاً على إعلان الرئيس تشرين الثاني1977 أمام مجلس الشعب المصري استعداده للتوجّه إلى إسرائيل من أجل استعادة أراضي بلاده المحتلة من دون إراقة الدّماء وبحثاً عن السّلام، للمناسبة ضمّت هذه الجبهة “الكاذبة” كل من ليبيا، وسوريا، والعراق، والجزائر، ومنظمة التحرير الفلسطينية وجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، وللمناسبة نسأل أين أصبحت هذه الدّول كلّها غارقة في الخراب ومصر استعادت حقّها وأرضها وحقنت دماء أبنائها، محور الممانعة وأدوات إيران في المنطقة وطليعتها ذراعها العسكري “الكبتاغوني” حزب الله “هيدول هنّي ذاتن” جماعة “الصمود والتصدي” في أواخر سبعينات القرن الماضي، ووسط هذه الشرنقة اختنق لبنان تحت نير احتلالات ثلاثة الفلسطيني والسوري والإسرائيلي، هذه الرقعة الصغيرة من الأرض اجتمعت على أرضها احتلالات ثلاثة في وقت واحد، وزالت هذه الاحتلالات وخرجت مذلولة خلف بعضها البعض وإن أطلقت الرّصاص ابتهاجاً “من حرقة قلبهن”!!
صرخة ماجدة الرّومي المُقاوِمة في وجه تيئيس الشعب اللبناني وإذلاله واستدراجه لمغادرة أرضه عبر تهجير ناعم إسمه “شراء جوازات سفر” في بلدان أخرى والخروج من لبنان وترك أرضهم للعبة التوطين الجديدة المتورّط فيها الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدّة ومسؤولون لبنانيّون لا يعنيهم من الأمر سوى الأموال التي تضخّها الـ UNHCR في تمويل بعض الوزارات والحكومات المتتالية ظلّت متمسّكة بهذا التمويل لأنّه مزراب نهب وفساد!!
عندما تصرخ ماجدة الرومي أنّ القرار اللبناني الحرّ مصادر وأنّه سيأتي وقت يسترجع فيه لبنان سيادته وقراره الحرّ لأنّ لبنان عمره أزل وأنّه طوى كلّ الاحتلالات وبقي، تكون تستنهض همّة اللبنانيّين حتى اليائسين من هذا الواقع المؤلم وترفعهم بالكلمة والصوت متسائلة: نحنَ شو قادرين نعمل؟ بيكفي يكونوا جامعاتنا ومدارسنا مفتوحة وراية الثقافة والفنون الجميلة والإعلام الحرّ مرفرفة حتى نقول: روح لبنان بخير.
السيّدة ماجدة الرّومي مُقاوِمة لبنانيّة من طراز رفيع في كلّ مفترقات لبنان المريرة كان صوتها سابقاً على الحدث، وعندما قالت: “مين قال الحروب دبابات بسّ”، كانت تدرك أنّ كلمتها هذه وحفلها هذا هو جيش مقاومةٍ لبنانيّة جرّار في وجه الذين يقتلون لبنان كلّ يوم من أجل مصالح أجنداتهم الخارجيّة والدّاخليّة، “شويّة تضامن.. شويّ منعبر هيدا الزّمن الرّديء والله معنا لأنّ الله مع الحقّ”.. لا تغيّر أقوالها هذه السيّدة المناضلة بصوتها وكلمتها وصلاتها وهي صادقة في كلّ ما تقول منذ تسعينات القرن الماضي حذّرت بأغنيّة “سيّدي الرئيس” قالت: “نمشي وبيننا يغلّ خائنون”، وكسرت حدّة الخيبة والألم في الأغنية صارخة في وجه الجميع “ونقسم سنبقى.. لأنّنا وأرضنا وأهلنا والحقّ.. أكثريّة”، سيّدة ماجدة في هذا الزّمن البائس لبنان يحتاج إليك جدّاً ، العالم العربي يحتاج إليك جداً، ونحن أيضاً نحتاج إليك وأكثر من مرّة شاهدك هذا الشّعب في مواقع الدّمار والوجع وقال في سرّه ليتها تكون “فخامة الرئيسة”.