IMLebanon

«معركة القلمون الكبرى» مكلفة… وطويلة

انطلقت معركة القلمون إعلامياً، لكن شرارتها في الميدان لم تندلع بعد. تُجري «جبهة النصرة» استطلاعاً بالنار، وحزب الله بدأ الاستعدادات، ومصادر سورية تؤكّد أن العملية أُرجئت!

تكاد معركة القلمون تنتهي قبل بدئها. الضخّ الإعلامي الذي يرافق التحضير للمعركة المرتقبة في الربيع غير مسبوق، حتى بدا كأن قادة المعركة ينشرون معلوماتهم العسكرية السرية على صفحات الفايسبوك. خاض الخائضون في عديد مقاتلي حزب الله وتكتيكاته، وذهبوا الى حدّ تحديد توقيت التعبئة العسكرية وموعد الالتحاق بالجبهات في الخامس من نيسان المقبل والساعة الصفر لانطلاق العمليات في منتصفه.

لكنهم، للأمانة، لم يحددوا الساعة بالتمام! الثابت الوحيد في كل ما تقدّم هو قرع طرفي المواجهة الرئيسيين، «جبهة النصرة» و»حزب الله»، طبول الحرب إيذاناً بانطلاقها قريباً، وأنهما يُعدّان لمعركة غير مسبوقة، مقارنة بالمعارك التي خاضاها سابقاً.

في ضوء ذلك، استبقت «النصرة» النزال المرتقب بإعلان انطلاق «معركة تحرير قرى القلمون». جاء ذلك بعد سلسلة هجمات نفّذتها على جب اليابس في جرد فليطا وعلى نقطة عسكرية في عسال الورد، وكانت ذروتها في اليومين الماضيين مع عملية ثالثة في جرد فليطا، أعلنت «النصرة» على أثرها السيطرة على نقطتين استراتيجيتين هناك. ويبدو أن «الجبهة» تحاول خلط الأوراق بهجمات استباقية في سلسلة الجبال الشرقية، فيما يصفها ضبّاط عسكريون بأنّها «استطلاع بالنار». وخلط الأوراق هدفه تعزيز «النصرة» لتزكيتها في البيئة السنية الموالية لها للقول إنّ وجهتها إلى الداخل السوري وليس لبنان. وبالتالي، قرن أقوال أميرها «أبو مالك التلّي» بالفعل، لجهة التطمين بأن «لبنان وجيشه ليسا ضمن دائرة أهداف النصرة». وهذا ما تؤكده مصادر «النصرة» لـ»الأخبار» بأن «الاشتباكات في معركة فليطا دارت على نقاط المسروب وجب اليابس والحمرا وشيار بعيداً عن لبنان وحدوده»، كاشفة أن «معركة الربيع ستكون في اتجاه القلمون السوري، وليس في اتجاه لبنان». وتوعّدت المصادر بـ»مفاجآت غير متوقعة في هذه المعركة»، مشيرة الى «معنويات مرتفعة سببها النتائج الميدانية: قنص سبعة مقاتلين من حزب الله واستهداف غرفة عسكرية يرتاح فيها قرابة عشرة عناصر».

المعركة أكثر صعوبة مقارنة بالقصير أو قرى القلمون

في معسكر حزب الله، علمت «الأخبار» أن «توقيت معركة القلمون لم يُحدد بعد». وأشارت المعلومات إلى أن «قيادة الحزب تعلم أن المعركة المرتقبة ستكون مُكلفة وأنّ أمدها سيكون طويلاً، لكن قرار خوضها اتُّخذ لحماية لبنان». وإذ أكّدت المصادر «عدم استهانة الحزب بالمعركة»، كشفت أن المرحلة السابقة كانت تُركّز على الرصد والاستطلاع، سواء بالمناظير الليلية أو الطائرات من دون طيار، مشيرة إلى أن المنطقة باتت «ممسوحة بالكامل»، إلا أن الطبيعة الجغرافية الصعبة للمنطقة واتساع مساحتها «يزيد المعركة صعوبة، مقارنة بالمعارك السابقة سواء في القصير أو قرى القلمون». وبالتالي، ينبغي مضاعفة العديد الذي سيُشارك في المعركة، مع الأخذ في الاعتبار أن تغطية المنطقة عسكرياً تتطلّب آلاف الجنود للسيطرة عليها، علماً بأن الجيش السوري الذي يسيطر على القرى الرئيسية في القلمون فعلياً، سيُحاول تغطية البقعة الجردية في السلسلة الشرقية التي تفصل بين لبنان وسوريا أثناء المواجهات، بل حتى قبل اندلاعها، بالقصف الجوي والإسناد المدفعي.

وفي المقابل، يُنقل عن مصادر سورية أنّ «المعركة مؤجلة حتى حين، باعتبار أن المرحلة الراهنة تُعطي الأولوية لمعركة حلب، حتى يتم عزلها نهائياً والسيطرة عليها من الخارج». وترى المصادر أن «المرحلة الثانية ستكون انطلاق المعارك في درعا والقلمون، بحيث يُفترض أن تبدأ أواخر نيسان أو في الشهر الذي يليه»، علماً بأن الانتشار سيُطاول الزبداني على طول الحدود اللبنانية للحؤول دون دخول المسلحين إلى مناطق البقاع. ويعزز هذه الفرضية، بحسب المصادر نفسها، ما يتردد عن أن «المصلحة تقتضي الانتهاء من معركة قبل فتح أُخرى». غير أن هذه المعطيات تعارضها مجريات الميدان، باعتبار أن الجيش السوري وحزب الله خاضا ثلاث معارك كبيرة دفعة واحدة غير مرة.