Site icon IMLebanon

المواجهة الكبرى: تطويق «حزب الله» بوصفه ذراعاً إيرانية في المنطقة

قرار كبير تقوده السعودية… والأمور لن تقف عند قرار مجلس التعاون واجتماع تونس… فماذا ستفعل الحكومة اللبنانية؟

المواجهة الكبرى: تطويق «حزب الله» بوصفه ذراعاً إيرانية في المنطقة

دبلوماسي عربي: المدى الذي يمكن أن تبلغه المواجهة الدولية مع الحزب مرهون بالتفاهم الأميركي – الروسي حول سوريا

تطويق «حزب الله»، بما يشكّله من ذراع إيرانية تتمدّد في أكثر من بلد عربي، هو عنوان المرحلة المقبلة. وهو جزء من المواجهة الكبرى الدائرة راهناً مع إيران في المنطقة. محاولة الأمين العام لـ «حزب الله» تصوير المعركة بأنها بين «الحزب» والمملكة العربية السعودية، ودعوته إلى حصرها بـ «الحزب» وتجنيب لبنان الثمن، كان فيها الكثير من التبسيط والغلو.

فتسارُع التطورات يُظهر بشكل جليّ أن القرار المتخذ حيال «حزب الله» هو قرار كبير تقوده السعودية لكن مساحته ومفاعيله ليست محصورة بالمملكة. اليوم أضحى الأمر يتخطى دولاً خليجية منفردة إلى مجلس التعاون مجتمعاً، الذي صنّف «ميليشيا الحزب بكافة قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها منظمة إرهابية»، لما تشكله أعماله العدائية من انتهاك لأمنها واستقرارها وسيادتها وتهديداً للأمن القومي العربي. وتخطى الأمر كذلك دول مجلس التعاون الخليجي إلى الدول العربية بعدما حظي القرار الخليجي بتأييد عربي عبر تبني وزراء الخارجية العرب، في تونس، وصف حزب الله بـ «الإرهابي» وإدانته لدوره في زعزعة الاستقرار في المنطقة العربية. ولن تقف  الأمور عند هذا الحد.

المنحى التصاعدي له تتماته، فهناك استكمال لا بد منه على مستوى منظمة التعاون الإسلامي، وعلى مستوى القمّة العربية التي انتقلت رئاستها إلى موريتانيا بعد اعتذار المغرب عن استضافتها، والتي طلبت تعديل موعدها الذي كان مقرراً في نيسان إلى تموز لإتاحة الوقت لها لإعدادها، إلا إذا استدعت التطورات تقريب موعدها. وتضييق الخناق سينتقل إلى المحافل الدولية. وأولى مساراته هي بوابة اليمن والقرار الدولي 2216 والذي سيتم الضغط من خلاله للدفع باتجاه تصنيف أممي لـ «حزب الله» كمنظمة إرهابية من خلال تورّطه مع الحوثيين في مواجهة الشرعية اليمنية المعترَف بها دولياً. معركة قد لا تجد طريقها بسهولة إلى مجلس الأمن على غرار ما جرى مع تصنيفه لـ «داعش» و«جبهة النصرة» من بوابة الأزمتين العراقية والسورية.

 لكن المراقبين يرون أن احتمالات إدراج «حزب الله»  دولياً على لائحة المنظمات الإرهابية ليست مقفلة، ذلك أنها تتماهى، في جانب منها، مع التصنيف الأميركي الذي يُدرج «حزب الله» على لائحة المنظمات الإرهابية منذ العام 1995، وقرار الكونغرس الأخير بفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل مع الحزب. وهو القرار الذي وقّعه الرئيس الاميركي، وسيكون على إدارته تقديم تقارير إلى الكونغرس بهدف تسليط الضوء على الشبكات العالمية للحزب خصوصاً في جنوب الصحراء الإفريقية وآسيا، وأن تحصي الدول التي تدعمه أو التي يحتفظ الحزب فيها بقاعدة لوجستية مهمة، إضافة إلى الإجراءات المتواصلة التي تتخذها وزارة الخزانة الأميركية بإدراج شركات وأشخاص على اللائحة السوداء لتعاملهم معه. كما أنها تتماهى مع قرار الاتحاد الأوروبي الذي يُصنّف الجناح العسكري للحزب كمنظمة إرهابية ولا يزال.

ويذهب دبلوماسي  عربي بارز إلى الاعتقاد بأن المدى الذي ستصل إليه المواجهة دولياً مع الحزب مرهون بحقيقة التفاهم الأميركي – الروسي حيال سوريا وما ستحمله الأشهر المقبلة من نجاح أو فشل إمكانات التوصل إلى حل سياسي وماهيته، ومدى اندفاعة المجتمع الدولي في معركته ضد الإرهاب والخطط المرسومة من قبل التحالف الدولي في القضاء على التنظيمات الإرهابية، سواء في سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها من الدول التي باتت تشكل ملاذاً آمناً أو منطلقاً لعمليات تلك التنظيمات.

تلك الأبعاد للمواجَهة مع «حزب الله» تتمثل في أن لبنان لا يُشكّل سوى عنصر من عناصرها، وليس أساسها. فلبنان معني، انطلاقاً من أن «حزب الله» حزب لبناني، وتداعيات أعماله خارج الحدود ستنعكس على لبنان برمته، ومسؤولية لجمِه هنا تقع على الحكومة والقوى السياسية اللبنانية. وفي هذا الإطار، يقول الدبلوماسي العربي: السؤال ليس ماذا ستفعل الدول الخليجية أو العربية… وإلى أي مدى يمكن أن تصل إجراءاتها ضد لبنان؟ بل ماذا سيفعل لبنان الرسمي والسياسي والشعبي في كيفية الضغط على «حزب الله» لوقف تدخله وأعماله العدائية والإرهابية حيال الدول الأخرى؟ وكيفية الحفاظ على علاقات لبنان مع محيطه العربي، وتحديداً مع الدول الخليجية، وحماية مصالحه ومصالح أبنائه؟

وسؤال: ماذا أنتم فاعلون؟ وجّهَه رجال الأعمال المقيمون في دول الخليج، ولا سيما في السعودية  لكل مَن التقوه من السياسيين اللبنانيين. فوفق المعطيات المتوافرة من مراكز القرار الخليجي، والتي وَصَلت إلى المعنيين، أن الرهان على إمكانية تَـفَـهّم دول الخليج لواقع سقوط لبنان رهينة بيد «حزب الله» هو رهان قد لا يكون في محله، وينمّ عن قصور فعليّ لمعطيات الواقع الجديد.

فالمواجهة الخليجية للنفوذ الإيراني وأذرعه لا هوادة فيها مهما تطلبت. والمعركة تدور على مختلف الجبهات وبكل الوسائل. وبمقدار الحرص الخليجي على استقرار لبنان على المستويات كافة، فإن على الحكومة والقيادات السياسية فيه أن تقوم بالمقدار ذاته بمسؤولياتها، وإلا فلتتحمل عواقب إخفاقها في حماية مصالح بلادها. فالحديث عن إمكان اتخاذ إجراءات إضافية، سواء على صعيد سحب الودائع من مصرف لبنان والمصارف التجارية أو وقف رحلات الطيران أو ترحيل اللبنانيين، لن تبقى في إطار التكهنات أو المخاوف إذا لم تنجح  المحاولات الجارية  لضبط «حزب الله»، بل ستتحوّل إلى واقع مُعاش يراه بحسرة ومرارة مَن يَـقـرأ في ثنايا المواجهة المفتوحة!