بعدما صار الإتفاق بحكم المنجز، عاد البحث في ملف التمديد لمدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى بداياته وبات التعقيد في مكانين: الاعتراض على عقد جلسة تشريعية، والإدعاء عليه في قضية المرفأ.
فبهدوء يجري العمل على عقد جلسة تشريعية عنوانها قانون الكابيتال كونترول. وتحت هذا العنوان وبحجته يمكن تمرير رزمة قوانين ضمن إطار تشريع الضرورة ولو أنه مصطلح مختلف عليه تشريعياً بين النواب. المساعي لم تنضج بالكامل والجلسة دونها عقبات ومطبات كثيرة أولاها وأهمها رفض عدد من النواب عقد مثل هذا الجلسة لإعتبار أن مجلس النواب بات محكوماً دستورياً بانتخاب رئيس للجمهورية وبالتالي لا يمكن عقد أي جلسة تشريعية قبل أن ينجز المجلس مهمته.
وليس معلوماً ولا مؤكداً، في حال عقدت الجلسة ما إذا كان سيعرض إقتراح قانون التمديد لمدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم. كان الإتفاق على التمديد قد تكلل بالنجاح وحصل ما يشبه التوافق السياسي على تمرير إقتراح قانون بهذا الشأن لولا استئناف المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عمله في قضية المرفأ والإدعاء على اللواء إبراهيم وآخرين. وجاء الإدعاء ليحدث خضة سياسية فرملت البحث بقرار التمديد ولكن لم تحجبه بدليل عودة البحث عن الصيغة المناسبة لتمرير القانون.
فقبل زوبعة البيطار كانت المساعي لتمديد مهامه شارفت على نهايتها. وافق رئيس مجلس النواب نبيه بري على عرض اقتراح القانون أمام النواب خلال الجلسة التشريعية، ولم يعارضه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل شرط أن تشمل الجلسة إقرار قانون الكابيتال كونترول، كذلك فعل رئيس «الإشتراكي» وليد جنبلاط.
وبعد انحسار الملف القضائي جزئياً عاود المعنيون العمل على الإقتراح، فعقد اجتماع للثنائي لهذه الغاية، وأجريت إتصالات مع عدد من النواب للوقوف على رأيهم ثم تم الإتفاق على توسيع الصيغة لتشمل آخرين كي لا يظهر القرار على أنه إستثناء متعلق بموظف من الفئة الأولى وحصر المستفيدين بمن تنتهي مهامهم نهاية العام الجاري.
وفي حين جرى التداول أنّ القرار المقصود قد يشمل إلى اللواء إبراهيم، التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان عملاً بقاعدة 6 و6 مكرر، تبيّن أنّ مثل هذه الصيغة يصعب تمريرها، لأنّ الصيغة المقترحة محصورة بالموظفين من الفئة الأولى ممن تنتهي مهامهم أواخر العام الجاري أي العام 2023 بينما العماد عون واللواء عثمان تنتهي مدة مخدوميتهما في العام 2024 كما أنّ حاكم مصرف لبنان تم تعيينه في مجلس الوزارء وهو المخول التمديد له، وهي خطوة وصفتها مصادر سياسية بأنها ستكون من رابع المستحيلات.
ويحتاج انعقاد جلسة تشريعيّة الى غطاءٍ نيابي مسيحي في ظل وجود من يعارض عقدها بسبب الشغور الرئاسي، ويعتبر بعض النواب الخطوة بمثابة مخاطرة من شأنها أن تزيد تعقيد المشهد السياسي. مصادر «التيار الوطني» إستبعدت تمرير التمديد في الجلسة التشريعية في حال تم الإتفاق على عقدها إنطلاقاً من موقف «التيار» المبدئي الرافض للتمديد في أي من المواقع، لكن مصادر أخرى قالت إن «التيار» سيعدل موقفه طالما أنّ الجلسة ستقر قانون الكابيتال كونترول الذي يشترطه صندوق النقد الدولي.
إذاً وبعدما كان شبه مؤكد، لم يعد التمديد للواء إبراهيم مضمون النتائج ما قد يستدعي تدخلات خارجية خاصة لأن حضوره تعدى الداخل اللبناني الى الأدوار التي قام بها وتلك المطلوبة منه، عدا عن كونه على علاقة جيدة مع كل المكونات السياسية داخلياً وله دوره في الأزمات ويحظى بتأييد فرنسي وأميركي ويتمتع بعلاقات عربية متينة، وهذه عناصر تعزز من حظوظه لكنها لا تحسم النتائج الإيجابية لصالحه لوجود ملف التحقيقات في قضية المرفأ، وهو ما سعى مدير عام الأمن العام إلى توضيحه خلال زيارته الى البطريرك الراعي برفقة الوزير السابق ناجي البستاني قبل أيام. ولكن المخيف في ما حصل أن تتحول قصته الى نكايات بين مؤيدي عمل البيطار ومعارضيه فيقع التمديد ضحيتها.ِ
لكن وخلافاً لرأي المشككين تعتبر مصادر الثنائي الشيعي أنّ الاتفاق على التمديد للواء لا يزال ساري المفعول وأنّ موضوع الادعاء عليه لا يقدم ولا يؤخر لاعتباره مخالف للقانون من قبل شريحة واسعة من اللبنانيين، وأنّ الجلسة التشريعية ستعقد أيضا لأنها تحت عنوان اقرار قانون الكابيتول كونترول وهذا مطلب اشترطه باسيل استرضاء للمجتمع الدولي والاميركيين بعدما أصبح في المقلب الآخر تقريباً.