IMLebanon

“هيئة الاستشارات” تحدّد من يبتّ بإذن ملاحقة اللواء صليبا

 

كاد يقولها سعد الحريري في مقابلته التلفزيونية: لا ثقة بالقضاء اللبناني! ولذا توجّه الى أهالي شهداء انفجار المرفأ بالمناشدة: “لا تضيعوا وقتكم مع القضاء وحتى لو سجن فلان وعلتان”.

 

بدا رئيس الحكومة السابق غير مرتاح لمسار التحقيق العدلي الذي سارع إلى التركيز على المسؤولية الإدارية في القضية، وكأنّه يسعى إلى “احتفالية تصفيق” من جانب أهالي الشهداء في الذكرى الأولى للجريمة، على حساب الشقّ الأمني المتصل بلغز الباخرة والحقائق الأمنية المحيطة بها. كذلك سلّط الحريري الضوء على سياسة الكيل بمكيالين، لناحية احترام القانون في ما خصّ ملاحقة القضاة، وإغفاله في ما خصّ الرؤساء والوزراء، لينضمّ بذلك إلى نادي المتحفّظين على النتائج المحققة إلى الآن.

 

وقال الحريري “إن شاء الله ينحبس مين ما ينحبس في قضية إنفجارالمرفأ، ولكن هل هذا هو فعلياً سبب الانفجار؟ هناك نيترات وصلت إلى بيروت وفُجّرت فيها وما أريده هو معرفة من جاء بالنيترات إلى المرفأ”.

 

وبعد حوالى أسبوعين على تسطير القاضي العدلي طارق بيطار سلّة إدعاءات، تحرّك مجلس النواب من نافذة رفع عريضة نيابية هي بمثابة مضبطة اتهامية بحق المدعى عليهم، تمهيداً لإنشاء لجنة تحقيق برلمانية تحيل المعنيين، إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء في حال ثبوت التهم عليهم.

 

وذلك على أثر توجيه بيطار كتاباً إلى مجلس النواب بواسطة النيابة العامة التمييزية، طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن كل من وزير المال السابق علي حسن خليل، وزير الأشغال السابق غازي زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيداً للادعاء عليهم وملاحقتهم، كما وجه كتابين: الأول إلى نقابة المحامين في بيروت لإعطاء الاذن بملاحقة خليل وزعيتر كونهما محاميين، والثاني إلى نقابة المحامين في طرابلس، لإعطاء الاذن بملاحقة وزير الأشغال السابق المحامي يوسف فنيانوس، وذلك للشروع باستجواب هؤلاء جميعاً بجناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل وجنحة الإهمال والتقصير.

 

وفي السياق نفسه، طلب المحقق العدلي من رئاسة الحكومة، إعطاء الإذن لاستجواب قائد جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا كمدعى عليه، كما طلب الإذن من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، للادعاء على المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وملاحقته.

 

ففي ما خصّ الأخير، رفض وزير الداخلية إعطاء الاذن لملاحقة اللواء ابراهيم، في حين وقع الإلتباس حول الجهة الصالحة إعطاء الإذن لملاحقة اللواء صليبا. ولهذا طلبت رئاسة الجمهورية استشارة من هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل وقد رأت الأخيرة في استشارتها أنّ “المرجع الذي يملك السلطة بمنح ترخيص أو إذن هو ذلك المحدد قانوناً والذي هو عادة له حق الرقابة و/أو الإمرة على المستفيد من الحصانة”.

 

واستندت هيئة التشريع والاستشارات إلى المادة 3 من المرسوم التنظيمي لإنشاء المديرية العامة لأمن الدولة التي تنصّ على أنّه في حال وقوع خلاف بين رئيس الجهاز ونائبه، تكون صلاحية البتّ للمجلس الأعلى، كذلك إلى المادة 35 التي تقول إنه في حال إعلان الطوارئ تخضع المديرية لقرار المجلس الأعلى للدفاع.

 

وبالتالي اعتبرت أنّ المجلس الأعلى هو السلطة التي تخضع لها مديرية أمن الدولة وبالتالي هي الصالحة لاعطاء الإذن. وعلى هذا الأساس، يفترض أن يتولى المجلس الأعلى بتّ مسألة طلب الإذن، وذلك قبيل انقضاء المهلة القانونية للطلب (15 يوماً) والتي ستنتهي مع انتهاء عطلة عيد الأضحى.

 

بالتوازي، سلكت العريضة النيابية طريقها القانوني بعد استكمال العدد اللازم للتواقيع (26 نائباً) تبيّن أنّ معظم الموقعين ينتمون إلى “كتلة التحرير والتنمية” و”كتلة الوفاء للمقاومة” و”كتلة المستقبل” فضلاً عن بعض النواب المستقلين. وقد تمّ تبليغ المدعى عليهم، وأمام هؤلاء مهلة عشرة أيام للردّ على الإدعاء، قبل عرض النتائج على الهيئة العامة للتصويت على إنشاء لجنة تحقيق يفترض أن تعود لتعرض نتائج تحقيقاتها على التصويت العام بالثلثين اي 86 نائباً، وفي حال الاتهام، تتم الاحالة الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

 

ويرجّح أن يهمل مجلس النواب الدعوة لاجتماع ثان للهيئة المشتركة بين هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل والتي خلصت في اجتماعها الأول إلى طلب مزيد من الأدلة من القاضي بيطار، للتوجه مباشرة إلى الهيئة العامة للتصويت على إنشاء لجنة تحقيق برلمانية بعد انتهاء مهلة العشرة أيام التي تبدأ اعتباراً من اليوم.