Site icon IMLebanon

العقدة الكبرى في المفاوضات الإيرانية – الدولية

“عقدة العقد في عملية التفاوض الكبرى بين إيران ومجموعة الدول الست أميركا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين والمانيا تتركز على السؤال الآتي: هل تستطيع إيران أن تحتفظ باستقلالها النووي وأن تتصرف ببرنامجها النووي بحرية وكما تريد في أي إتفاق نهائي شامل مع مجموعة الست أم ان عليها من أجل إنجاز الإتفاق النهائي أن تقدم تنازلات أساسية وجوهرية أبرزها التخلي عن إستقلالها النووي وإخضاع برنامجها النووي لشروط أميركية – دولية قاسية ولرقابة دولية غير مسبوقة لفترة زمنية طويلة؟”.

هكذا لخص مسؤول أوروبي بارز في باريس وثيق الإطلاع على هذه القضية الموقف في المفاوضات النووية – الدولية التي دخلت مرحلة الحسم والتي يفترض أن تنتهي في 30 حزيران الجاري وقال: “لحظة الحقيقة اقتربت والصراع الحقيقي بين إيران ومجموعة الدول الست يتركز في هذه المرحلة النهائية على القضية الأساسية الآتية: أميركا والدول الكبرى الأخرى تتمسك بضرورة أن ينص الإتفاق النهائي الشامل مع إيران على ثلاثة مطالب محددة هي: أولاً – ضرورة إخضاع كل المنشآت والمواقع الإيرانية النووية بما فيها المنشآت العسكرية وتلك غير المعلن عنها لنظام رقابة دولية صارم جداً “هو الأكثر تشدداً في التاريخ”، كما قال الرئيس باراك أوباما وذلك لفترة طويلة تراوح بين 20 و25 سنة وربما أكثر. ثانياً – ضرورة السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة وتفقد كل المنشآت والمواقع النووية أو المرتبطة بها بما فيها مناجم الأورانيوم والمنشآت المشتبه فيها للتأكد من عدم وجود نشاطات وأعمال ذات طابع عسكري فيها تهدف الى إنتاج السلاح النووي سراً. ويستطيع المفتشون الدوليون القيام بهذه الزيارات بصورة منتظمة يومية ومفاجئة إذا اقتضى الأمر. ويعني ذلك ان القيادة الإيرانية لن تستطيع خلال هذه الفترة الطويلة جداً أن تفعل ما تريد ببرنامجها النووي وأن تستخدمه للأغراض العسكرية. ثالثاً – تتمسك أميركا والدول الكبرى الأخرى بضرورة منح المفتشين الدوليين صلاحية استجواب مجموعة كبيرة من العلماء الإيرانيين العاملين في البرنامج النووي من أجل الحصول منهم على أسرار البرنامج النووي ومعلومات دقيقة عنه وخصوصاً في ما يتعلق بالخطط والنشاطات ذات الطابع العسكري. وتملك الوكالة الدولية للطاقة الذرية قائمة بأسماء العلماء الذين تريد استجوابهم وعلى رأس القائمة العالم محسن فخري زادة مهابوجي الذي يطلق عليه الأميركيون لقب “مهندس البرنامج النووي الإيراني”. لكن القيادة الإيرانية رفضت وترفض السماح للمفتشين الدوليين بزيارة منشآتها ومواقعها العسكرية وباستجواب العلماء النوويين وهي ترى ان هذه المطالب “غير واقعية وتعجيزية وتمس بالمصالح الأمنية الحيوية لإيران” وتتهم بعض المفتشين بأنهم “جواسيس يعملون لحساب الإستخبارات الأميركية”.

وأوضح المسؤول الأوروبي “أن ما تريده أميركا والدول الغربية وتوافق عليه ضمناً روسيا والصين هو وضع البرنامج النووي الإيراني في علبة ضخمة، إذا جاز التعبير، وزرع آلات تصوير متطورة حساسة ودقيقة في هذه العلبة تعمل على مدار الساعة وتكشف وتسجل كل النشاطات والأعمال الإيرانية من أجل ضمان سلمية هذا البرنامج”.

وشدد المسؤول الأوروبي على العوامل الأساسية الآتية التي تدفع أميركا والدول الغربية الى التمسك بمطالبها القاسية هذه، وهي:

أولاً – إنعدام الثقة بين الدول الغربية وإيران، وخصوصاً ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية ترفض في كل تقاريرها ضمان سلمية البرنامج النووي الإيراني وتقول إن الإيرانيين لم يكشفوا كل جوانب برنامجهم.

ثانياً – ليس ممكناً تحقيق الهدف الأساسي للمفاوضات وهو انتزاع كل قدرات ومكونات وعناصر البرنامج النووي التي يمكن أن تسمح لإيران بإنتاج السلاح النووي ما لم يخضع البرنامج للرقابة الدولية الصارمة والمتواصلة.

ثالثاً – ليس ممكناً رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران ما لم تضمن الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسمياً وقف كل النشاطات والأعمال التي تسمح للإيرانيين بإنتاج السلاح النووي.

رابعاً – ليس ممكناً طمأنة المجتمع الدولي والدول الحليفة والصديقة في المنطقة الى أن البرنامج النووي الإيراني هو للأغراض السلمية فحسب وان إيران لن تتحول قوة نووية مسلحة تغير موازين القوى في الشرق الأوسط وتهدد الأمن والسلم الإقليميين والدوليين ما لم يتحقق المفتشون الدوليون من ذلك فعلاً ويرفعوا الى مجلس الأمن تقارير محددة مفصلة منتظمة عن حقيقة النشاطات النووية الإيرانية.

وأفاد المسؤول الأوروبي “ان عملية صوغ نص الإتفاق النووي النهائي الإيراني – الدولي أظهرت وجود مصاعب حقيقية وخلافات جدية بين المتفاوضين تتناول خصوصاً أربع قضايا أساسية: عمليات التفتيش والرقابة الدولية، آلية ومواعيد رفع العقوبات عن إيران، تحديد المكونات والعناصر التي تسمح لإيران بإنتاج السلاح النووي وطريقة إزالتها، ضرورة إطلاع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على التاريخ السري للبرنامج النووي الذي يخفي الإيرانيون جوانب مهمة منه. ولن تستطيع أي دولة منذ الآن ضمان توقيع الإتفاق النووي النهائي”.