IMLebanon

التسوية الكُبرى؟

هل أن هدف الدخول العسكري الروسي إلى سوريا حماية بشار الأسد والإبقاء على نظامه الذي لم يمنع الدخول العسكري الإيراني مباشرة وعبر حزب الله اللبناني المعارضة ولا سيّما داعش من توسيع رقعة سيطرتها حتى بلغت حالياً ما يزيد على ستين بالمئة من مساحة سوريا أم أن هدفه الأساسي تأمين سقوط هادئ للنظام بالتفاهم مع الولايات المتحدة الأميركية التي اكتفت حتى الآن بالتقليل من تأثير هذا الوجود العسكري على موازين القوى في سوريا من جهة وإعطاء الوقت الكافي لدرس العرض الروسي بإقامة تحالف دولي لضرب داعش ومنع سيطرتها على الحكم في سوريا.

أسئلة بدت بديهية بعد الدخول العسكري الروسي إلى سوريا وبعد التوافق الدولي على أن نظام بشار الأسد بدأ يتهاوى بسرعة رغم دعم قوى الممانعة وعلى رأسها الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وبات يتعيّن على الدول الغربية وتحديداً على روسيا التدخّل العسكري تحت عنوان منع إنهيار الجيش والمؤسسات تلافياً لتكرار سيناريو الفوضى في العراق وفي ليبيا بالتزامن مع تأمين سقوط هادئ لنظام بشار الأسد وفق إخراج روسي بدليل غياب ردّ الفعل العربي إزاء الوجود العسكري لموسكو والإتصال الهاتفي بين الرئيس بوتين والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والذي يمكن أن يشكّل مدخلاً أمام مفاوضات عربية – روسية وروسية – أميركية في المنطقة بعدما رفضت الأخيرة حتى الأمس القريب الدخول في مفاوضات مباشرة مع إيران في شأن التسوية السياسية للأزمات التي تعصف بالمنطقة وفي مقدمتها الأزمة السورية التي شكلت فرصة مؤاتية لدخول المنظمات الإرهابية مثل داعش وغيرها والتوسّع في كل من العراق وسوريا بشكل بات يُهدّد مصالح الغرب وروسيا والولايات المتحدة بشكل مباشر.

ويجب التذكير في هذا السياق إلى أن التواصل بين موسكو التي قررت التدخل العسكري في سوريا وأرسلت وما زالت تحشد المزيد من الطائرات الحربية المتطورة والأعتدة وحتى الجنود إلى سوريا بهدف وقف توسع داعش وأخواتها وبين المعارضة تحت عنوان استئناف مفاوضات جنيف من أجل التوصّل إلى تسوية سياسية على أساس قيام حكومة إنتقالية كاملة الصلاحيات وبمعنى آخر نقل هذه الصلاحيات من يد بشار الأسد لم تنقطع وما زالت مستمرة، مما يُعزّز القناعة بأن الدخول الروسي العسكري لا يهدف في كل حيثياته دعم بقاء بشار الأسد بقدر ما هو تأمين خروج لائق له من السلطة تحت عنوان كبير هو المحافظة على الجيش ومنع إنهياره الكامل حتى لا تتكرر تجربتا العراق التي أفضت إلى تقسيم هذه الدولة وليبيا التي تواجه ذات المصير وإن اختلفت تركيبتها الديمغرافية عن العراق، وثمّة من يضيف إلى هذا الهدف هو تصميم روسيا على المحافظة على وجودها كدولة كبرى في المنطقة بالإضافة إلى طمأنة الأقليات العلوية والمسيحية إلى وجودها ودورها في حال نجحت المعارضة المتطرّفة في السيطرة على سوريا وإسقاط النظام القائم وعماده الأساسي ما يسمى بجيش النظام وتُشير المداولات الجارية في الأروقة الدولية ولا سيما منها المفاوضات الروسية – الأميركية والليونة الظاهرة في موقف واشنطن حيال التدخل العسكري الروسي لا بل تركز على سبل ردم الهوّة وإزالة التباينات تمهيداً للدخول في مرحلة التسويات الكبرى المفترض أن تنبعث من رحمها التسويات لسائر أزمات المنطقة.