IMLebanon

التسويات الكبرى

ما رشح حتى الآن عن نتائج اللقاءات التي أجراها وزير الخارجية الأميركية جون كيري مع كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيري لافروف، تؤكد صحة المعلومات التي تحدثت عن تفاهم أميركي – روسي أو عن بداية تفاهم حول الأزمة السورية، وحول الآليات التي يعتمدها الوفد الدولي ستيفان دي ميستورا للتوصل إلى حل سياسي، يتقدّم على الإجراءات العسكرية باعتبار أن أي حل عسكري بات بعيد المنال وربما مستحيلاً باعتراف دولي، وحتى باعتراف الأطراف المحلية المتنازعة نفسها، ولم يعد لتقدم النظام في عدد من المناطق بواسطة دعم الطيران الروسي أي جدوى باعتراف المسؤولين الروس أنفسهم، ولن يفضي إلا إلى نتائج محدودة لا يمكن من الوجهة العسكرية والميدانية البناء عليها.

وتعكس اشادة الرئيس بوتين بالرئيس الأميركي باراك أوباما لما تحقق في سوريا منذ أربعة أشهر وحتى الآن وبفضله عمق التفاهم القائم بين زعيمي الدولتين والذي يتجاوز الوقائع اليومية، ويقود المرحلة المقبلة ويقودها أطراف الصراع في الداخل السوري والمحيط الإقليمي إلى تفاهمات مماثلة وربما على مستوى العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران على قاعدة ما أشار إليه الرئيس الروسي من التوصّل إلى نقاط مشتركة مع الجانب الأميركي والمضي قدماً في المسائل الثنائية والدولية بينهما ولا سيما ما يتصل بأزمتي سوريا وأوكرانيا وعلى قاعدة تأكيد المبعوث الأممي دي ميستورا على أن المباحثات بين أطراف النزاع في سوريا تتمحور حول ثلاث نقاط هي وضع دستور جديد خلال فترة لا تتجاوز الستة أشهر، والانتقال السياسي والافراج عن جميع السجناء والمعتقلين من المعارضة في سجون النظام السوري، إضافة إلى عدم اعتراف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأية إجراءات يقدر عليها النظام كمثل إصرار انتخابات نيابية هذا الربيع، فضلاً عن ما رشح عن تقارب روسي – سعودي حول العديد من القضايا المشتركة بين الدولتين، والتي ستتضح بعد زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو في المستقبل القريب.

وما من شأنه أن يرفع من منسوب التفاؤل باقتراب التوصّل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية وفق طرح المعارضة، ملاقاة الجانب الأميركي لنظيره الروسي من خلال ما عبر عنه كيري من أن وقف الأعمال القتالية في سوريا أثمر عن تراجع وتيرة العنف في البلاد لافتاً إلى أن الولايات المتحدة الأميركية لديها أفكار حول كيفية البدء بعمل جاد وصعب حول آلية الانتقال السياسي في سوريا.

إن المناخ الإيجابي في ما يتعلق بالأزمة السورية الذي أرخته مباحثات رئيس الدبلوماسية الأميركية في موسكو مع الرئيس بوتين ووزير خارجيته لافروف سوف ترخي بظلالها على كل الأزمات والمشاكل التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط ومنها لبنان الذي لا يمكن عن عزله عن ما يجري في الإقليم، وستشكل قاطرة لتسريع الحلول لمشاكله الداخلية ومنها بطبيعة الحال الأزمة الرئاسية، ولن تكون زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى بيروت بالتزامن مع هذا الانفراج الدولي سوى إشارة إلى المسؤولين اللبنانيين لكي يلتقطوا هذه الفرصة، ويتوافقوا على رئيس للجمهورية من خارج الاصطفاف السياسي القائم، لمواكبة التحولات الدولية الجارية على قدم وساق حتى لا يسبقهم القطار.