Site icon IMLebanon

تحولات كبرى بعد الحدث التركي

تتخطى التساؤلات المحيطة بالواقع التركي الجغرافيا التركية الواسعة والنزاع السياسي الداخلي إلى حدود قريبة وملاصقة لتركيا، وصولاً إلى المسرح الإقليمي المشتعل بالأزمات، تزامناً مع المسرح الدولي المنغمس بالحرب على الإرهاب وعلى تنظيم «داعش». وفيما لفت موقف الولايات المتحدة الأميركية من الإنقلاب العسكري الفاشل أكثر من مراقب محلي ودولي في الساعات أل48 الماضية، رأى فيه مصدر وزاري مطلع، مؤشّراً على كباش أميركي ـ تركي ناشئ يعود لأكثر من سبب تركي داخلي وخارجي مرتبط بالسياسات المتّبعة إزاء أزمات المنطقة والأزمة السورية بشكل خاص. وقال هذا المصدر، أن الإنقلاب العسكري التركي الذي فشل منذ الساعات الأولى على إعلانه، سيرخي ظلالاً هامة على مواقف عواصم القرار تجاه إدارة الرئيس رجب طيب أردوغان، وقد ظهر ذلك بشكل جلي في التوتر السريع الذي نشأ على خط العلاقات ما بين أنقرة وواشنطن من جهة، كما عبر النصيحة الروسية للرئيس التركي بعدم تجاوز الدستور في إجراءات الإنتقام السريعة والميدانية التي ينفّذها مؤيدوا أردوغان وأجهزته الأمنية بحق آلاف «الانقلابيين والخونة» كما وصفهم الرئيس التركي في كلمته الأولى بعد حصول العملية الإنقلابية.

وعلى الرغم من أن الأسباب التي دفعت إلى الإنقلاب في تركيا هي داخلية مئة في المئة، كما وصفها المصدر الوزاري، فإن المعطيات المباشرة التي أعقبت هذا الإنقلاب، تدلّ بقوة على أن انعكاساته «إيجابية» بالنسبة للرئيس التركي، علماً أنه سبق وأعلن أنه سيستغلّ هذه الفرصة لتطهير المؤسّسة العسكرية، وهو ما بدأ يتحقق فعلاً منذ اللحظة الأولى للإنقلاب في تركيا. وفي هذا المجال، تحدّث المصادر نفسه عن غموض في المشهد الداخلي التركي سيستمر لفترة طويلة، فيما ستكون لهذا الواقع ارتدادات هامة على المشهدين الإقليمي والدولي، وذلك انطلاقاً من الإنعطافة التركية التي كانت سبقت الإنقلاب، والتي تتّجه لأن تتكرّس بعده. فعلى الصعيد المحلي الداخلي، تبدو صورة انقلاب العسكر على السياسيين مألوفة في تركيا إنطلاقاً من التجارب السابقة، بينما على الصعيد الخارجي، فإن خطوات التقارب التركية باتجاه روسيا وإسرائيل وصولاً إلى التحوّل اللافت في الموقف من الحرب السورية، لن تتأثّر على حد قول المصدر الوزاري المطّلع والذي أكد أن هامش الحركة لدى الرئيس أردوغان سيتّسع، ويتيح له الحرية في التعاطي مع كل الملفات المطروحة أمامه من الآن وصاعداً.

وأضاف المصدر الوزاري ذاته، أنه على المدى الزمني القصير، فإن تركيا ستحوّل اهتماماتها إلى الداخل، ولكن على المدى الزمني الطويل، فإن الدور التركي سيبقى محورياً في أزمات المنطقة، ولن يتأثّر بالأحداث الأمنية الداخلية. وبالتالي، فإن استعادة الرئيس أردوغان سلطة حكومته بشكل كامل وسريع على الأرض، سترسم معالم السياسة التركية الخارجية المستقبلية والتي سترتكز على الإقتصاد في الدرجة الأولى، وعلى ملف الإرهاب ومحاربة تنظيم «داعش» ثانياً، وصولاً إلى ممارسة تركيا دورها كقوة فاعلة بعد فترة من التراجع نتيجة مناخ الإتهام لها بأنها سمحت بمرور المئات من المتطرّفين إلى سوريا في السنوات الماضية. وخلص المصدر الوزاري المطلع، إلى توقّع المزيد من التعقيدات في المنطقة إنطلاقاً من الحدث التركي، معتبراً أنه سيترجم إمعاناً في المراوحة في الأزمة السياسية اللبنانية، وإن كان الأثر الفوري بقي فردياً عبر معاناة اللبنانيين الذين علقوا على خط النار في اسطنبول، وتمكنوا من العودة بسلام إلى بيروت بالأمس.