يستقبل نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري في منزله في الرابية رابطة متخرّجي كلّية الإعلام برئاسة الدكتور عامر مشموشي، على وقعِ الكلام الذي قاله أمس الأوّل عن 14 آذار، وقياداتها، إثر ترشيح النائب سليمان فرنجية والعماد ميشال عون.
يبدو مكاري وكأنّه اعتزلَ الحياة السياسية، من دون أن يتوقف عن متابعة الشأن العام. قرارُه بعدمِ الترشّح في الانتخابات النيابية المقبلة نهائيّ، وربّما هذا ما حرّرَه فأطلقَ العنان لمواقف بعيدة عن الديبلوماسية.
رفيق رفيق الحريري منذ الثمانينات، يحتفظ بكثير من الوقائع والمشاهدات التي عايشَها سمعاً وبصراً، محطات قديمة من لوزان إلى جنيف إلى توقيع «اتفاق الطائف»، إلى حقبة ما قبل وما بَعد اغتيال الرئيس الحريري، حيث يقول: «كنتُ نائباً لـ 25 عاماً ولم أبدأ العمل السياسي الحقيقي إلّا بعد اغتيال الرئيس الحريري».
يضَع مكاري صورةً وحيدة في بيته هي صورة الحريري الأب، ويَرتبط مع الحريري الإبن بعلاقة «أبوَّة سياسية»، كان سعد الحريري صغيراً، وهو يَعرفه عن ظهر قلب، يتحدّث عنه بمودّة، يدخل في تفاصيل أزمته الماليّة، وسلوكه السياسي، يقرأ في المستقبل، انطلاقاً من هذه المعرفة الوطيدة.
عن ترشيح الحريري لفرنجية يقول مكاري: «هاتفَني نادر الحريري، وقال إنّ الرئيس الحريري يريد أن يراك في السعودية، ذهبتُ إلى المطار وهناك عرفت أنّني لن أكون بمفردي، فعددٌ من أعضاء فريق الرئيس الحريري ذاهب أيضاً.
هناك أخبرَنا أنّه يتّجه لترشيح النائب فرنجية، وكانت أسبابه متّصلة بالفراغ المستمر، وبوجود اقتناع لديه بأنّ فرنجية سيُنتخَب حكماً رئيساً، لعدم وجود أيّ سبَب لحزب الله في عرقلةِ انتخابه، كان متأكّداً من أنّ هناك موافقة دولية وترحيباً سعودياً، وموافقة إيرانية على انتخاب فرنجية الذي أكّد له أنّ الحزب موافق».
ويضيف مكاري: «لم يكن الجوّ احتفالياً ولا حماسياً، وعندما سُئلت عن رأيي قلت إنّ هذا الخيار لديه حظوظ تحت الخمسين في المئة، ونصحتُ باستطلاع موقف الدكتور جعجع الذي لا بدّ أنّه سيُرشّح العماد عون لتعطيل انتخاب فرنجية. كانت هناك آراء بأنّ جعجع لن يُغضب السعودية، أمّا أنا فكنتُ متأكداً من أنّه سيَخطو في اتّجاه عون، إذا ما حُشِر».
عن فرنجية يقول مكاري: «علاقتي بآل فرنجية جيّدة كوني ابنَ الشمال، أذكر أنّني عندما رافقتُ الرئيس الحريري إلى لوزان، كنتُ دائمَ التواصل مع الرئيس سليمان فرنجية وفريقه، في إحدى المرّات كنت شاهداً على ما دار بين الرئيسَين فرنجية وأمين الجميّل، حين طرحت مسألة صلاحيات الرئيس».
ويضيف: «منذ 11عاماً لم أتواصَل مع النائب فرنجية، أي منذ اغتيال الرئيس الحريري، لكنْ لا يمكنني ولا يمكن أحد أن يشَكّك بوطنيته أو بمارونيته، هو أحد أعمدة 8 آذار، وهذا ليس سرّاً، لكنْ ألومُه لأنّه قال عن السيّد نصرالله أنّه «سيّد الكِلّ»، هذه «زَحطة» لا يُفترَض بمن يمكن أن يصبح رئيساً للجمهورية أن يَرتكبها، فالسيّد هو الدستور… الجميع يعرف كم كانت علاقتي بالرئيس رفيق الحريري، لكن لا يمكن أن أقول عنه سيّدي، وإلّا تحوّلتُ عبداً».
ماذا عن الاحتمالات بعد جلسة الأمس؟ يقول مكاري: «هناك حلقة مفرَغة لا يكسرها إلّا موافقة الحريري على انتخاب عون، أو تغَيّر الوضع في المنطقة، أو تنازُل العماد عون، وهذا مستحيل في رأيي، فالجنرال لن يتنازل، ولو كان عنده صبيُّ اسمُه جبران ميشال عون لن يتنازل له».
عن موقفه من «القوات اللبنانية»، يقول مكاري: «لقد انسحَب كثير من قوى 14 آذار المسيحية والمستقلّين، بسبب «القوات» التي كانت تَعتبر تمثيلَهم الشعبيّ ضعيفاً، وأنا قلت إنّ «القوات» مسؤولة عن الاستئثار بالقرار المسيحي، وهذا غير مقبول، فالمستقلّون موجودون، ولهم تمثيلهم».
عن مكاسب جعجع بعد ترشيح عون يقول مكاري: «لقد صعّبَ وصول فرنجية، وأصبح شريكاً مضارباً لعون من جبيل إلى جزين، صحيح أنّ علاقته بالحريري لم تعُد جيّدة لكنّها قابلة للترميم، كما أنّ علاقته بالسعودية لم تنتهِ، والمملكة لن تضحّي بحليف مسيحي بوزن جعجع».