ما كان يحلم به فؤاد السنيورة، قبل الانتخابات، بوراثة سعد الحريري، حاول فؤاد مخزومي وأشرف ريفي فعله بعدها.
طموحات السنيورة وصلت إلى حدود كتلة سنيّة وازنة تعطّل الاستحقاقات وتمنع أصواتها عن رئيس مجلس النواب نبيه بري وتتحكّم بالاستحقاق الرئاسي. هذا تحديداً ما سعى إليه ريفي ومخزومي، بتشكيلهما نواة كتلة «إنقاذ وطن»، بهدف مواجهة حزب الله وحلفائه، عبر «جبهة نيابية عابرة للطوائف للتنسيق في كل الملفات»، على ما يقول ريفي لـ«الأخبار».
لكن تمخّض الجبل فأنجب فأراً. لم يتمكّن الرجلان من إقناع أي نائب سني من المستقلّين السنة الـ11 الذين يُعدّ بعضهم «إكس مستقبل»، كوليد البعريني ومحمد سليمان وبلال الحشيمي ونبيل بدر وعبد العزيز الصمد… من الانضمام إلى كتلتهما. إذ إن هؤلاء لن يكونوا، كما يريد ريفي ومخزومي، رأس حربة في مواجهة حزب الله، بل يعتمدون سياسة ربط النزاع معه على غرار ما كان يفعله الحريري.
وعليه، لم يجد ريفي ومخزومي سلّة يرميان فيها بيضهما سوى لدى ميشال معوّض وأديب عبد المسيح. فطار اسم «إنقاذ وطن» الذي كانت تحمله الكتلة وحط محله اسم «الكتلة السياديّة المستقلّة». وبدل أن يكون الرجلان في كتلة سنيّة يتم «تزيينها» بنواب مسيحيين، صارا فعلياً هما «الزينة»، إذ من المفترض أن تنضم الكتلة إلى كتلة حزب الكتائب اللبنانية التي تضم 4 نواب ليصبح عددهم 8، وفق ما يؤكّد عبد المسيح لـ»الأخبار»، مشيراً إلى «وجود تفاهم مبدئي مع الكتائب على العناوين العريضة في الجبهة السياديّة، على أن يكون إعلان التكتّل قبل عيد الأضحى»، لافتاً إلى «تنسيق أيضاً مع بعض النواب من خارج الكتائب بغية الانضمام إليهم»، رافضاً الكشف عن أسمائهم حالياً.
فعلياً، يريد هؤلاء أن يكونوا «بيضة القبان» في الاستحقاقات المقبلة. لا ينفي عبد المسيح ذلك بقوله إن «الكتلة السيادية المستقلّة» هي بين اليمين واليسار، إذ إنّها تنسّق مع النواب «التغييريين» وحزب القوات اللبنانيّة والحزب التقدمي الاشتراكي في كل الملفات. بالتالي، لن يكون بمقدور ريفي ومخزومي أن يمونا على التكتل، ولو أنّ «الكتلة السياديّة المستقلّة» ستبيعهما موقفاً بأن ترضخ لمطلب ريفي بعدم تسمية نواف سلام لرئاسة الحكومة، بعد أن أكد اللواء السابق لزملائه في الاجتماع أمس أن «سلام ليس الشخصية المناسبة لترؤس الحكومة الحالية ولا خبرة لديه في الشؤون المالية».
وعليه سيكون التوجه إلى عدم تسمية أي شخصية لترؤس الحكومة، بعدما أشار معوّض إلى «أننا لن نسمي أي مرشح من المنظومة وتحديداً ميقاتي لرئاسة الحكومة وسنسعى جاهدين لخلق حالة وازنة في مواجهة تسميته».
في المقابل، فإنّ تشكيل التكتل لن يمر مرور الكرام بالنسبة للقوات اللبنانية، التي تنظر إليه بعين الريبة، بل تعتبره موجّهاً ضدها فعلياً. الاصطدام الأوّل كان بعدما رفض ريفي أن ينضم إلى تكتل القوات وهو الذي وعد بذلك قبل الانتخابات النيابية. سريعاً، غسل «اللواء» يديه من الاتفاق وذهب إلى أبعد من ذلك بالسعي إلى تشكيل كتلة ثم التنسيق مع الكتائب. أما في ما يتعلق بالعلاقة مع سفارة الرياض في بيروت، فيؤكّد مقربون من السفارة أن هذه الكتلة لم تأتِ بطلب سعودي، وإن كان ذلك لا يزعج الرياض، بل إن ريفي ومخزومي «يتموضعان بما ينسجم مع طموحاتهما الشخصية المستقبلية ومحاولتهما لعب أدوار ذات تأثير في الاستحقاقات المقبلة». ويلفت هؤلاء إلى أنّ «المملكة التي تريد إعادة التوازن إلى الساحة السنية تدرك أن ذلك لا يكون عبر مخزومي وريفي اللذين ظهّرت الانتخابات النيابية حجمهما الفعلي»، ولو أن السفارة تعطي «ريق حلو» لكل من يدق بابها.