Site icon IMLebanon

قرار صنع الرئيس في لبنان عند عون ونصر الله وقرار صنعه في الخارج عند إيران والسعودية

السؤال الذي لا يستطيع أحد لا في الداخل ولا في الخارج الاجابة عنه هو: متى يكون للبنان رئيس للجمهورية، ومن هو المسؤول عن ذلك؟

المسؤول في الداخل هو القوى السياسية التي تقاطع جلسات انتخاب الرئيس وتمنع اكتمال النصاب. وهذه القوى هي تحديداً “حزب الله” و”تكتل التغيير والاصلاح”. الحزب استجابة لرغبة ايران التي تريد أن تقبض ثمن حلّ أزمة الانتخابات الرئاسية سواء في لبنان أو في مكان آخر، و”التكتل” الذي يصرّ على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية من دون سواه وإلا فلا رئيس… فتكون النتيجة واحدة وهي ما تريده إيران.

لذلك على الزعماء في لبنان الذين يجمعون على القول إنهم يريدون رئيساً من صنعهم، ان يقرروا حضور جلسة انتخاب الرئيس وليس التغيب عنها من دون عذر مشروع لتعطيل نصابها، فتتحول الانتخابات الرئاسية معركة نصاب قبل أن تكون معركة بين مرشحين. وقد استطاع “حزب الله” و”تكتل التغيير والاصلاح” ربح معركة تعطيل النصاب وخسارة معركة الرئاسة ووضع اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم بين خيارين لا ثالث لهما: إما انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، وإما لا نصاب لانتخاب رئيس آخر… فاذا كان الزعماء مجمعين على أن يكون رئيس الجمهورية من صنعهم وليس من صنع أي خارج، فعليهم اقناع “حزب الله” والعماد عون بحضور جلسة انتخاب رئيس للبنان لضمان اكتمال النصاب من دون اشتراط أن يكون اكتماله مرهوناً بالاتفاق على مرشح، حتى اذا تعذّر ذلك استمر تعطيل النصاب، او الاتفاق على الاحتكام الى الأكثرية النيابية المطلوبة لانتخاب رئيس كما كان يحصل في كل انتخابات سابقة عندما لا يصير اتفاق على مرشح واحد.

الى ذلك، يمكن القول حيال هذا الوضع أن المسؤول عن تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية هو “حزب الله” كرمى لايران والعماد عون كرمى لنفسه. أما المسؤول الخارجي عن تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية فهو بالتحديد ايران لأنها تمسك بورقة “حزب الله”، والحزب يمسك بورقة العماد عون، ولا نصاب يكتمل لجلسة الانتخاب إلا بحضور نواب الحزبين أو بحضور نواب أحدهما، وهو ما لم يقرّره حتى الآن لا “حزب الله” ولا العماد عون، وكأنهما لا يريدان اتخاذ هذا القرار قبل ايران التي تكتفي حتى الآن بالقول المضحك: “ان الانتخابات الرئاسية هي شأن اللبنانيين وحدهم”. ونسيت ايران، أو تناست، أنها هي التي كانت وراء حرب تموز مع اسرائيل ولم يكن حتى الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله على علم مسبق بذلك، بدليل أنه بشَّر أقطاب الحوار في ختام الجلسة بأن لبنان سيشهد موسم اصطياف جيداً. ونسيت ايران، أو تناست أيضاً، أن من جعل “حزب الله” يخرج على مضمون “اعلان بعبدا” هي بالذات عندما طلبت منه التدخل عسكرياً في الحرب السورية لمساندة نظام الرئيس بشار الأسد باعتبار أن سقوطه هو خسارة لايران وتالياً للحزب ولـ”جبهة الممانعة”. فكما أن “حزب الله” و”تكتل التغيير والاصلاح” هما المسؤولان عن تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية ليكون من صنع لبنان، فإن ايران هي المسؤولة عن تعطيل هذا الانتخاب لأنها تريد ما لا أحد يعرفه حتى الآن. هل تريد مرشحاً معيناً للرئاسة لم تسمّه بعد؟ هل تريد رئيساً يكون في خطها السياسي في لبنان والمنطقة ويحافظ على المقاومة وعلى “حزب الله” وسلاحه؟ هل تريد فراغاً شاملاً في لبنان لا خروج منه إلا بالاتفاق على دستور جديد أو صيغة نظام جديد؟ وهل سلوك ايران بعد توقيع الاتفاق النووي هو كما قبله أم انه سيتغير؟ هذا ما سوف تجيب عنه الأشهر المقبلة. فعلى الزعماء في لبنان حيال هذا الوضع البائس أن يقرّروا انتخاب رئيس للجمهورية يكون من صنعهم، وهذا يتطلب حضور الجلسة ليكتمل نصابها وتنتخب الأكثرية النيابية المطلوبة رئيساً من بين المرشحين المعلنين وغير المعلنين، اذا تعذّر الاتفاق على مرشح، وإلا فانهم يكونون قد تركوا للخارج صنع هذا الرئيس وانتظار اتفاقه عليه، لأنه من الطبيعي أن يصبح صنع الرئيس في الخارج عندما لا يتفق من في الداخل على صنعه وهو ما حصل غير مرّة في لبنان. فاذا كان القرار للخارج في صنع رئيس للبنان فهل يتفق الخارج عليه ومتى؟ هل عندما يتحقق التقارب السعودي – الايراني، وهو تقارب لن يتحقق إلا عند حل الأزمة في اليمن أو الأزمة في سوريا، أم عندما يتفق الخارج على فصل أزمة الانتخابات الرئاسية في لبنان عن أزمات المنطقة؟