إذا صحت «المعلومات» التي يزعم أصحابها أنهم استقوها من مصادر «عليمة» إن في باريس أو في واشنطن فإن المحادثات التي أجراها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع نظيره الأميركي جو بايدن لم تبلغ نسبة النجاح التي كان يتطلع إليها الاليزيه، ليس فقط ما يتعلق منها بالجانب اللبناني، بل أيضاً في سائر مناحيها وبالذات الجوانب ذات الصلة بمصالح البلدين عموماً، إذ سُجِّل كمٌّ لا بأس به من التباين:
أولًا – على الصعيد اللبناني لم يحصل سيد الاليزيه من سيد البيت الأبيض على «كارت بلانش» في المسألة اللبنانية، وتحديداً في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي اللبناني بعد نحو شهر وأسبوع من الشغور في قصر بعبدا. فقد طلب ماكرون إطلاق يده في تسمية الشخصية التي يمكن أن تُشكل تقاطعاً بين مصالح واشنطن والرياض وطهران وحزب الله، والدوحة أيضاً، كونه على تواصل مع تلك الأطراف كافة على عكس واشنطن التي لم توافق على هذا الاقتراح مع تمنيها على باريس أن تمضي في مساعيها، على أن تعود إلى واشنطن عندما يصبح القرار شبه جاهز. (في المعلومات اياها أن الأميركي أبلغ من يسميهم «شركاءه» في لبنان بهذا الموقف).
ثانياً – لم يتوصل الجانبان، في محادثات «زيارة الدولة» الأولى التي يقوم بها رئيس أجنبي إلى واشنطن في عهد بايدن، إلى قرار حاسم يتعلق بتخفيض أسعار الغاز الأميركي الذي تستورده أوروبا وتشكو من ارتفاعها.
ثالثاً – برز تفاوت كبير بين الموقفين من الحرب الروسية – الأوكرانية، فبايدن مصر على تأديب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بينما يرى ماكرون أن الحرب ستبقى عبثية على هذا الصعيد، وبالتالي يجب أنهاؤها بوقف «فوري» لإطلاق النار، لأن أوروبا لم تعد قادرة على تحمل التداعيات على مختلف الصعد.
رابعاً – الخلاف الأبرز في وجهات النظر كان حول المسألة الصينية، فالموقف الفرنسي ينطلق من مصالح الشركات الفرنسية الهائلة جراء التعامل والتبادل واستيراد المواد الأولية من الصين، وذلك كله تترتب عليه ميزانيات ضخمة جداً، وأي دعسة ناقصة في هذا المجال ستكون أضرارها أكبر من كل تقدير.