«حركة بلا مبادرة». هذا هو التوصيف الأمثل لحراك الموفد الفاتيكاني الكاردينال دومينيك مامبرتي الذي بدأ زيارة للبنان تنتهي الخميس المقبل.
لا يملك الفاتيكان «أرنب» الحل للشغور الرئاسي ولا يأتي الكاردينال مامبرتي ليمنح اللبنانيين «وصفة رئاسية سحرية». هي زيارة تقليدية عنوانها الرسمي صفة مامبرتي كرئيس للمحكمة العليا للتوقيع الرسولي. هدفه معاينة المحاكم الروحية وحسن سيرها عن قرب.
يملك وزير خارجية الفاتيكان السابق، وعلى مدى 8 سنوات، أدق التفاصيل عن مسار الأمور في لبنان سواء عبر الدوائر الفاتيكانية او في تقارير السفير البابوي في لبنان غبريال كاتشيا والبطريركية المارونية.
يجول الزائر البابوي وهو يعرف. يستطلع وهو على بينة من موقف الآخر. يحاول أن يُشعِر جميع المعنيين بمسؤولياتهم في مواجهة ما يتعرّض له المسيحيون بشكل خاص في المنطقة من موجات تكفيرية ومشاريع إلغاء.
ربما هي المهمة الأحب على قلب الموفد الفاتيكاني. فالمعروف عن مامبرتي أنه «يصغي أكثر مما يتكلم». والأهم أنه «كتوم» وهي القاعدة الذهبية في المدرسة الفاتيكانية. بدأ العمل على زيارته منذ مدة طويلة ولم يكن المقصود أن تحصل بعد مرور عام على الشغور. طوال ذلك الوقت كثف الفاتيكان اتصالاته الدولية مع الدول العربية وفرنسا وإيران والسعودية انطلاقاً من كونه، على ما يقول عارفون، يحمل الهمّ اللبناني. فمجرد إرسال موفد خاص يعني ترجمة للسياسة الفاتيكانية تجاه لبنان في الماضي والحاضر والمستقبل تحت عنوان «اهتمام وعاطفة». لطالما تغنّى الفاتيكان بأهمية لبنان في الشرق الاوسط كنموذج يجب تعميمه في العيش المشترك.
بعد جولته التي ستشمل كل المرجعيات المعنية بالاستحقاق الرئاسي، سيكون للموفد الفاتيكاني رأي وكلمة. وهذا ما دأب عليه الفاتيكان منذ ولادة الطائف. يذكر الجميع زيارة اللجنة الثلاثية العربية إلى الفاتيكان التي تبعها مجيء الموفد البابوي بابلو بوانتي إلى لبنان لمواكبة مرحلة ما بعد توقيع الطائف.
البابا يوحنا بولس الثاني، قلب الكنيسة، أطلق العام 1995 «السينودس من أجل لبنان». والبابا بنديكتوس السادس عشر، عقل الكنيسة، زار لبنان العام 2012. وها هو اليوم البابا فرنسيس يرسل موفده الخاص.
لا أحد، وخصوصاً الفاتيكان، يمكنه أن يحل المشكلة الرئاسية، بمفرده. فالمسألة، وفق مواكبين للجولة، تحتاج الى نضوج الظروف المناسبة. ظروف المنطقة والمسيحيين وبقية الهواجس التي أضيف اليها هاجس الرئاسة اللبنانية.
وكان مامبرتي قد التقى أمس رئيس الحكومة تمام سلام في السرايا الحكومية. كما التقى وزير الخارجية جبران باسيل. ومن قصر بسترس، قال مامبرتي «إنها رسالة مهمة قدمها لبنان في هذه المرحلة، بأن يكون نموذجاً في وسط عالم صعب يهيمن عليه العنف في غالب الأحيان، وانه يجب على هذا البلد الذي أعطى على مدى قرون نموذجاً من العيش المشترك بين طوائفه المختلفة، أن يستمر في إعطاء هذا المثل».
وتابع: «نحن نأمل دائماً أنه عبر الحوار سيكون من الممكن تخطّي المرحلة الحالية والتوصل الى استقرار أكبر للمؤسسات اللبنانية التي هي ضرورية جداً في ظل الإطار الإقليمي الذي ذكرته».