IMLebanon

المملوك ــ فيدان : أيّ مُفاجآت؟

 

أي معنى، وأي مفاعيل للقاء موسكو بين رئيس مكتب الأمن الوطني في سوريا اللواء علي المملوك ورئيس جهاز الاستخبارات التركية حقان فيدان؟!

 

الدلالة اللافتة ابراز الاعلام السوري نبأ اللقاء. هذا لا بد من التوقف عنده و… التفاؤل. نستذكر قول الديبلوماسي، والسياسي، الروسي الفذ يفغيني بريماكوف لوزير خارجية خليجي شهير «لسنا ضد أن تكونوا على علاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة. نحن ندرك مقتضيات ذلك. لا ندعوكم الى تغيير سياساتكم، لكننا نأمل في أن تحملوا الأميركيين على تغيير نظرتهم اليكم. هم لا يرون في المنطقة سوى حقول النفط».

 

بريماكوف سأل : هل يمكن أن تقول لي أين أهل الخليج، بل وأين العرب، في العقل الأميركي؟

 

أمام الملأ، خلع دونالد ترامب ورقة التوت، وقال ما قاله في العرب. لا أحد تزحزح قيد أنملة. لعله «التفاعل البيولوجي» (وهذه نظرية علمية) مع السياسات الأميركية التي لم تأت الا بالحروب والكوارث.

 

لا نقول ان النظام في سوريا ظاهرة مقدسة. غازي كنعان ورستم غزالي تعاملا مع اللبنانيين كما كان يتعامل ولاة بني عثمان. هذا لا يحجب، في أي حال، الدور المحوري الذي اضطلعت به دمشق في المساعدة على اجتثاث الاحتلال الاسرائيلي من لبنان. هذا يكفي!

 

حين تكون سوريا مريضة، أو جريحة، يكون لبنان مريضاً، أو جريحاً. ماذا كان حل ببلدنا لو أن «الاخوان المسلمين»، بتلك المشتقات الهمجية، أمسكوا بالسلطة هناك؟

 

منذ البداية، كان السيناريو يلحظ تدمير الدولة في سوريا، وتدمير الدور في سوريا. حقان فيدان كان الذراع الخشبية لرجب طيب اردوغان. بالمال العربي استجلب أولئك الذين ترعرعوا في قاع الايديولوجيات، وعلى أرصفة الصفيح، تحت شعار احلال الحداثة والديمقراطية في سوريا…

 

لولا تركيا لما كانت الأزمة في سوريا. مثلما يفترض بدمشق أن تعود ولاية عثمانية، يفترض ببيروت كذلك، والا لماذا دخلت الفصائل الى السلسلة الشرقية، ولماذا أقيمت الخلايا على امتداد الأرض اللبنانية؟

 

لم يُقيّض لأردوغان أن يحقق حلمه. في الحلقة الأخيرة من السيناريو، وضع يده على ادلب، واستضاف عشرات آلاف المقاتلين الذين ارتضوا أن يكونوا النيوانكشارية في خدمة السلطان. الموقفان السوري والروسي كانا حاسمين. لا مجال لهؤلاء أن يكونوا في هيكلية السلطة.

 

المقاتلون تحولوا الى عبء مالي، والى عبء سيكولوجي. وحتى الى عبء سياسي، على الرجل. ماذا يمكن أن يفعل بهم؟

 

موسكو قالت لأنقرة «لا مجال أمامكم للخروج من عنق الزجاجة الا بالتفاهم مع دمشق». التفاهم الذي يقوم على الانسحاب الكامل من الأراضي السورية، وعلى احترام السيادة السورية. تحت هذين العنوانين عقد اللقاء بين اللواء علي المملوك وحقان فيدان.

 

اذا أقفل اردوغان الباب على ما تبقى من الأزمة في سوريا، تدخل المنطقة في مرحلة مختلفة كلياً. لنتذكر أنه قبل لقاء موسكو، كانت زيارة أمير قطر لطهران، حيث كان الكلام في عمق الأشياء.

 

بكل معنى الكلمة سقطت ديبلوماسية الأساطيل. القفازات الحريرية أكثر براعة، وأكثر جدوى، بكثير. ما قاله سيرغي لافروف ليس طرحاً عابراً بل خارطة طريق. «نقترح على دول الخليج التفكير في آليات أمنية مشتركة بدءاً من اجراءات بناء الثقة، ودعوة بعضها البعض لاجراء مناورات عسكرية».

 

الاقتراح الى العرب والايرانيين. اقامة منظومة أمنية تحل محل الفوضى الأبوكاليبتية التي أحدثتها الولايات المتحدة في المنطقة. العرب متعبون والايرانيون متعبون، ولتتوقف تلك الهواجس الجيوسياسية التي لا تزال تسنوطن بعض الأدمغة هنا وهناك وهناك.

 

أي مفاجآت بانتظارنا…؟!