آخر «إبداعات» حزب الله والدائرين في فلكه ومنفّذي تعليماته التي هي، في النهاية، أوامر إيرانية… أنّ المؤتمرات الدولية الداعمة للبنان هي وجه جديد من أوجه الانتداب، وانتشى أصحاب هذه النظرية مع مجيء الموفد الرئاسي الفرنسي الى بيروت في الأيام الماضية ليطلقوا عقيرتهم في تلاوة أناشيد الانتداب كون هذه العبارة (الانتداب) ذات صلة بالفرنسيين الذين كانوا منتدبين على لبنان في النصف الأوّل من القرن العشرين الماضي.
فما إن حطّ السفير ميشال دوكين رحاله في لبنان، مكلفاً باسم الرئيس إيمانويل ماكرون متابعة تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر»، حتى ارتفعت الأصوات إياها تندّد بهذا الانتداب الآتي إلينا والعياذ بالله؟
إنتداب؟
نعم، هكذا ببساطة، والحقيقة بوقاحة، بات مؤتمر باريس المعروف بمؤتمر «سيدر 1» صار مرذولاً… ولم ينقصهم سوى القول: إطردوه!
لماذا؟
هل لأنّه جاء ليؤكّد على مساعدة لبنان؟
هل لأنّه جاء يحمل أفكاراً تنفيذية لمساعدات دولية، شاركت في تخصيص لبنان بها عشرات الدول الغربية والأوروبية والعربية أيضاً لمواجهة أزمة لبنان الاقتصادية التي تسبّب الحزب الإلهي بها، كما أوضحنا بالأرقام في افتتاحية «الشرق» قبل أيام؟!.
هل لأنّ لبنان بلد على شفير الإنهيار الاقتصادي، فتكون اليد التي تمتد لمساعدته هي يد منتَدَبة؟
هل لأنّ لبنان الذي هو على عتبة الإفلاس وقد تضافرت جهود دولية (بدور فرنسي مهم ومشكور) لمحاولة إقالته من عثراته، تستحق هذه اليد أن تُسمّى إنتداباً؟!.
هل إنّ ضخ أموال (هبات وقروض بفوائد الحد الأدنى) هو إنتداب؟!.
وما هو البديل عن هذا «الإنتداب»؟
هل هي الصواريخ الإيرانية؟
وهل هي الأدوية الايرانية، ولبنان بلد مشهور بصناعة الأدوية المصنّفة فئة أولى عالمياً، وما نستورده هو أيضاً من هذه الفئة، بينما الدواء الايراني لا يُعرف له تصنيف عالمي؟!.
وفي الواقع: هل انّ إيران التي يعاني نصف شعبها ضائقة بعدما أوصله نظامه الى تحت خط الفقر… نقول هل انّ إيران هذه قادرة أن تكون بديلاً عن «الإنتداب المزعوم» وهي العاجزة عن إيجاد الحد الأدنى من القوت لشعبها؟!.
أو إنّ البديل يكون في وضع «حزب الله» يده على حقيبة وزارة الصحة العامة لاستنفاد آخر قرش فيها وتحويل مخصصاتها وميزانيتها بديلاً عن النقص الحاد في التمويل الايراني للحزب، بعدما تسبّبت العقوبات الأممية والدولية على إيران بصعوبات غير مسبوقة باعتراف الولي الفقيه المرشد الأعلى خامنئي نفسه واصفاً المرحلة الراهنة بأنها الأصعب في تاريخ «الثورة الاسلامية» منذ قيامها حتى الآن؟
وهل البديل هو في محاولة النظام الايراني جذب المسلمين الى التشيّع؟!.
بصراحة… هذه الهرطقة آن الأوان لوقفها… أقله رحمة بعقول اللبنانيين الذين يعرفون كيف يميّزون بين ما هو في مصلحتهم وما هو ضدّهم لمصلحة النظام الايراني الذي يبحث عن «حج خلاص» من أزماته؟!.
وتبقى كلمة أخيرة:
اليوم يتحدّثون عن «الإنتداب»… فهل سيشنّفون آذاننا، في الغد القريب، بحملة أكاذيب وادعاءات بلهاء عن «الاستعمار»؟!.
صحيح: «اللي استحوا ماتوا».
عوني الكعكي