IMLebanon

يا هلا بالإنتداب

 

إن لم يكن المتمترس في قمرة القبطان واثقاً بقدرته على الإمساك بدفة القيادة، ولا يتقن فن العوم في حوض سباحة بعمق 163 سنتيمتراً، ولا خبرة له بعلم البحار وركوب الموج، ولم يسبق له أن رفع شراعاً أو قرأ خريطة بحرية، ولا يعرف اتجاهات الريح فعلام الإستقتال لقيادة السفينة في مجاهل الأطلسي. ألم يسمع صوت العقل يخاطبه: أقعد في البيت. إرتَح وأرِح. شذّب أغصان الدوالي واستمتع بشدو العنادل واملأ رئتيك بأريج الياسمين.

 

إن كان المسؤول القوي عاجزاً بقواه الذاتية وتجاربه عن ضبط “طنبر” بنزين مهرّب إلى سوريا، وعاجزاً عن ضبط الأمن في حي الشراونة، وعاجزاً عن معالجة الفوضى العارمة والزحمة الخانقة في قاعة الوصول، في مطار رفيق الحريري الدولي، وعاجزاً عن معالجة أزمة النفايات وعاجزاً عن استكمال أوتوستراد وسدّ وتأهيل جلّ تفّاح، وعاجزاً عن الكلام مع مسؤول رفيع أو عريض، وعاجزاً عن الإقلاع وعاجزاً عن الهبوط وعاجزاً عن تأمين حبة دواء وعاجزاً عن إيجاد حليب لأطفال لبنان، وعاجزاً عن تنظيم صف على “طرمبة” وعاجزاً عن بناء جسر ثقة بينه وبين مواطنيه العقلاء، وعاجزاً عن إيجاد رئيس حكومة “بيفهملو راسو” ويطبّق تعاليمه، وعاجزاً حتى عن مدّ يده إلى المحسنين، فأين أفلح وفي أي مجال؟ ولمَ الإعتراض على “العونة” الدولية الـ “مش جايي من عند الله”.

 

فإن كان تقديم أطنان المساعدات الغذائية والطبية العاجلة للبنانيين الرازحين تحت خطوط الفقر إنتداباً مقنّعاً،

 

إن كانت تحركات السفيرتين الأميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو باتجاه السعودية عودة إلى التدويل والإنتداب،

 

وإن كان دعم فرنسا وأميركا للمؤسسة العسكرية ولبعض المؤسسات الإنسانية مظهراً من مظاهر الإنتداب،

 

وإن كانت المبادرة الفرنسية وضغط الرئاسة الفرنسية المتواصل منذ 11 شهراً لتشكيل حكومة لبنانية تحظى بثقة المجتمع الدولي من موروثات عصر الإنتداب،

 

وإن كان عقد المؤتمرات الدولية الداعمة للبنان وشعبه (غير العظيم) بغياب أي ممثل للدولة بمثابة إنتداب موصوف،

 

وإن كان توبيخ الأوروبيين “البيض” للمسؤولين، من رئيس الحكومة نزولاً وطلوعاً، وجلوس أحد الموفدين غير المهذب في حضرة وزير مهذب تصرف منتدِب،

 

وإن كان تحريك المدمرات والسفن باتجاه سواحل الجمهورية المتداعية إنتداباً،

 

وإن وجد البعض في العقوبات الأميركية والأوروبية على النُخب اللبنانية ما يدل على سياسة فوقية وانتدابية،

 

وإن كانت سياسة التصدي لإلحاق لبنان بالمعسكر الإيراني من خلال دعم القوى المناهضة للخط الممانع إنتداباً صريحاً. فيا ألف هلا ومرحبا بانتداب ينتشلنا من هذا المستنقع والنكد السياسي القاتل.