Site icon IMLebanon

“الممرّ الإلزامي” للرئاسة تحصيل حاصل دعم الحليف في الشارع مثار شكوك

الكلام المهم الذي قاله الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في ذكرى الانتصار في حرب تموز هو ما يتعلق بدور الدولة الذي اعتبر فيه انه “يجب ان نقتنع جميعاً بقيام الدولة التي يشارك فيها الجميع بالثقة وان الدولة هي الضمان في كل شيء. كلنا اليوم شركاء في الخوف والغبن والدولة هي الضمان لا التقسيم ولا الفيدرالية لكن هذه الدولة العادلة والتي تخدم الناس من دون تمييز ولا يمكن ان تكون كذلك الا اذا كانت دولة شراكة حقيقية”. وهذا الكلام المبدئي جيد ومفيد يحتاج المواطن اللبناني الى ان يستمع اليه من الأمين العام للحزب انطلاقاً من انطباعات ووقائع لا تبددها الأقوال فقط ومفادها ان الحزب بذاته هو الذي يهيمن على الدولة ويمنع قيامها، فيما تتزامن إثارته لهذا الكلام مع ذكرى حرب تموز التي ذهب اليها الحزب منفرداً متسبباً بإحراج كبير للدولة اللبنانية على نحو انكر فيه الشراكة على الآخرين وكذلك الأمر بالنسبة الى استفراده بالحرب الى جانب النظام السوري. ويفاقم من الوقع المعاكس لهذا الكلام اتهامات للحزب بالتورط في اعمال “ارهابية” في الكويت اعلنت في موازاة تبشير الامين العام للحزب بالدولة اللبنانية التي سيترتب عليها كما على اللبنانيين الى اي طائفة انتموا انعكاسات سلبية تبعاً لهذه الاتهامات.

في معرض الدفاع عن العماد ميشال عون يبدو لافتاً بالنسبة الى مصادر سياسية معنية اولا ما يجري بعيداً من الأضواء من محاولات لاسترضاء زعيم التيار عبر ترقية عدد محدود من الضباط من بينهم العميد شامل روكز في احياء لاقتراح عرضه سابقاً النائب السابق غطاس خوري على العماد عون بالنيابة عن الرئيس سعد الحريري قبل اشهر قليلة من دون أن يلقى أي رد فعل ايجابياً من الجنرال الذي واصل تصعيده السياسي في مجلس الوزراء ثم في الشارع وكأنما هذا الاقتراح غدا اكثر قبولاً راهناً من اجل تنفيس احتقانات مفتعلة. وثانياً ان تصل الخلاصات بالامين العام لـ”حزب الله” بعد سنة وبضعة اشهر من الشغور الرئاسي الى حتمية ان يكون العماد عون ممراً الزامياً للرئاسة الاولى الامر الذي لم ينكره عليه احد منذ اللحظة الاولى لتيقن أفرقاء كثر في الداخل والخارج ان لا حظوظ للعماد عون بموقع رئاسة الجمهورية. فتلقى نصائح مراراً وتكراراً بالانتقال من “الخطة أ” التي يعمل بموجبها لأن يتم انتخابه الى “الخطة ب” التي تجعل منه الناخب الاول للرئيس العتيد قبل ان تتهدد هذه اللحظة ايضاً. ومن المفارقات ان يكون الحزب ومن وراءه من قوى اقليمية استفادوا طيلة هذه المدة من عدم المرونة التي ابداها العماد عون في موضوع الرئاسة قبل ان يترجم السيد نصرالله درجة بسيطة من التحول في الموقف بعد زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف لبيروت بالتأكيد ان العماد عون هو ممر الزامي للرئاسة. معنى ذلك ان إيران تسلف الغرب خطوة بسيطة من كيس لبنان من اجل ان تظهر استعدادات لديها للتفاوض على موضوع الرئاسة في وقت كان فيه هذا الخيار هو الابرز الذي بقي مطروحاً على العماد عون وربما لا يزال مطروحاً بعض الشيء باعتبار ان اختيار الرئيس يجب ان يحصل على موافقة كل افرقاء الداخل ايضاً.

في المقابل، فإن الاستعداد الذي ابداه السيد نصرالله لدعم التيار الوطني الحر وصولا الى التضامن معه في الشارع رداً على “محاولة عزله او كسره” وفقا لمقولات او صيغ لم يبتكرها في الواقع سوى الاعلام المؤيد للحزب، فانما ينهك حليفه التيار نتيجة الاقرار الضمني بان الحشد الذاتي لهذا الأخير لم يكن كافياً ولم يعد ملبياً الحاجة من اجل الضغط على الحكومة التي يشكل الحزب جزءاً وشريكاً اساسياً فيها علما ان قرار التمديد للقيادات العسكرية لم يكن ليمر من دونه فيما يحتاج التيار الى ان يبرز في هذه المواجهة القوة الأهم لدى المسيحيين والأكثر تمثيلاً وان قوته ليست بدعم القوى الحليفة. وثمة تساؤل عما اذا كان الحزب سينزل الى الشارع تضامناً مع “حقوق المسيحيين” التي يرفع شعارها العماد عون مستهدفاً الضغط على تيار “المستقبل” الذي يتهمه بإنكار الشراكة والذي يسانده منطق الحزب الداعم له علماً ان قرار التمديد حصل بموافقة الحزب وكذلك التمديد لمجلس النواب. وحتى حين يشكو التيار العوني ظلامته بالعودة الى الحلف الرباعي الذي ابعده وعزله في العام 2005 كما يقول، فإنما كان الحزب شريكاً في هذا الحلف فيما يتم استهداف تيار “المستقبل” وقياداته في لعبة سياسية لا تفيد التيار العوني ومؤيديه فيما يستفيد الحزب من لعبة الضغط السياسي على خصومه السياسيين، فلم يستهجن على سبيل المثال شعارات رفعها حليفه وشملت رئيس الحكومة تمام سلام وتستفز حساسيات طائفية.

قد لا يتطوع كثر لترداد ما بات يجري تداوله على نطاق واسع في الاوساط من وجوب ان يعيد التيار الوطني النظر في الأسلوب السياسي الذي يعتمده والذي رتب عليه خسائر سياسية كبيرة حتى الآن اظهرها على الاقل خوض التيار غمار الدعوة تكراراً الى الشارع فيما خيبه فعلاً هذا الاخير باعتباره بات مؤيدا لاولوياته بعيداً من طموحات كل الأحزاب والسياسيين في الدرجة الاولى وفي غياب اقناعه بوجود قضية سياسية يدافعون عنها ثانياً. فالمسيحيون في لبنان ككل لن يستفيدوا من انكسار أحد أبرز ممثليهم بغض النظر عن التوافق مع سياسته ام لا.