IMLebanon

المنكوبين جارة الجبل: بيئة متشدّدة «خرّجت» انتحاريين

الى صدمة التفجير الانتحاري المزدوج، صدم أهالي جبل محسن بأن الانتحاريين طه خيال (1994) وبلال محمد مرعيان الملقب بـ»إبراهيم» (1986) هما «جاران» من منطقة المنكوبين المتاخمة للجبل والمتداخلة معه. وهذه المنطقة أخذت اسمها من كونها آوت مواطنين نكبوا بتدمير منازلهم جراء فيضان نهر أبو علي منتصف خمسينيات القرن الماضي، وقد اجتذبت في السنوات الأخيرة خليطاً من أشخاص ومجموعات متشددة دينياً، أغلبهم نازحون إليها من خارجها.

ولفتت مصادر أمنية إلى أن «الوضع الأمني في المنكوبين تطور على نحو خطير في الآونة الأخيرة، إذ بعدما كان فيها موقع واحد تُطلق منه النار باتجاه جبل محسن خلال جولات الاشتباكات، تحولت لاحقاً محوراً كاملاً في مواجهة جبل محسن، يشارك فيه مسلحون من مختلف المشارب»، مشيرة الى أن المنطقة التي تتوزّع الولاءات فيها بين حزب التحرير والجماعة الإسلامية والنائب خالد ضاهر ومجموعات سلفية، خرج منها أكثر من 7 انتحاريين قضوا في سوريا والعراق.

وقالت المصادر لـ»الأخبار» إن الانتحاريين دخلا مشياً على الأقدام إلى جبل محسن، إذ إنهما يسكنان على مسافة لا تبعد أكثر من 100 متر عن موقع الانفجار، وهي منطقة مفتوحة ومختلطة مذهبياً ومتداخلة مع منطقة المنكوبين الملاصقة. كذلك فإن المقهى يستقبل عادة رواداً من مناطق الجوار في المنكوبين وباب التبانة والقبة ومخيم البداوي، لأنه يبيع مشروبات روحية غير متوافرة في هذه المناطق. وأشارت الى أن خيال ومرعيان «اختفيا منذ فترة عن الأنظار، ولم يعرف المكان الذي توجها إليه»، من دون أن تؤكد ارتباطهما بـ»جبهة النصرة» التي تبنّت العملية، وما إذا كانا فعلاً ذهبا الى منطقة القلمون السورية حيث تدرّبا وجرى تزويدهما بأحزمة ناسفة.

ولكن كان لافتاً أمس كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي زار طرابلس وترأس اجتماعاً لمجلس الأمن الفرعي في الشمال وزار منطقة جبل محسن حيث قدم العزاء للأهالي، إذ أشار الى أن الانتحاريين «مرتبطان بالإرهابي منذر الحسن» الذي قتله فرع المعلومات قبل أشهر في مجمع «سيتي كومبلكس» في شارع المئتين في طرابلس، ما يعني أن الانتحاريين مرتبطان بتنظيم «داعش» وليس «جبهة النصرة».

المصادر أكّدت أنها «أمسكت ببعض الخيوط التي يمكن أن تقودنا إلى داعمي الانتحاريين»، وعبّرت عن ارتياحها لردّ فعل أهلهما، لكنها حذّرت من «مخاوف جدّية من إمكانية وقوع أعمال إرهابية أخرى في طرابلس أو غيرها».

وكان ذوو الانتحاريين قد استنكروا التفجيرين، في مؤتمر صحافي، ورأوا أن «من يقوم بهكذا أعمال لا دين ولا أهل ولا عقل له»، رافضين تقبّل التعازي بهما، وتقدّموا بالعزاء من «جيراننا» أهالي الضحايا. هذه الخطوة الإيجابية كان قد سبقها ضبط الشارع في جبل محسن ومنعه من القيام بأي ردّ فعل، بناءً على تعليمات صارمة من قيادة الحزب العربي الديمقراطي الذي أوضح عضو مكتبه السياسي علي فضة لـ»الأخبار» أن أهالي المنكوبين «جيران لنا وليس لهم علاقة بالأمر، ونطمئن الجميع بأننا لن ننجر إلى فتنة». وأشار فضة إلى أن الانتحاري «لا تربطه بمنطقته أي علاقة، فهو انتحاري فقط».