مرة جديدة عادت منطقة المنكوبين لتتصدر الاهتمامات، ولكن هذه المرة من باب العمليات الانتحارية، التي ضربت عمق جارتها جبل محسن.
قد تكون المنكوبين أنهت كل المراحل التي تؤهلها لأن تحمل لقب المنطقة الخطرة امنياً، والتي قد تساهم في رفع مستوى الإجراءات الأمنية المفروضة عليها منذ سنوات، وربما أكثر من ذلك. فيما الخشية بأن تتحوّل بيوت التنك والعاطلون عن العمل والمهمشون فيها إلى قنابل موقوتة قد يؤدي انفجارها إلى كارثة.
وبالتالي لم يكن ينقص المنكوبين تهم إضافية لوضعها تحت المجهر الأمني منذ عدة سنوات، حتى أضيفت إليها أمس العملية الانتحارية المزدوجة التي خرج منفذاها من بين أزقتها المهمشة ومنازلها المتصدعة والمتهالكة لدرجة الانهيار.
كان يمكن لمنفذيّ العملية المزدوجة ان يشاهدا ضحاياهما قبل تنفيذ جريمتهما من على شرفات منزليهما او اسطح مباني منطقتهما المطلة مباشرة على المقهى المستهدف، نظرا لقرب المسافة التي لا تتجاوز عشرات الأمتار. هكذا سمع أبناء المنكوبين دوي الانفجارين اوضح بكثير مما سمعه غالبية سكان جبل محسن.
وكان يمكن لهما أيضاً ان يتعرفا على رواد ذلك المقهى، والمقاهي المحيطة به، والذين جلهم من الفقراء امثال بيئتهما التي تعيش تحت خط الفقر، وتصنفها بعض المنظمات الدولية على انها من بين اكثر المناطق العشوائية في لبنان فقراً.
ويمكن القول إن المنكوبين التائهة بين بلديتي طرابلس والبداوي والتي تضم اكثر من 20 الف شخص معظمهم من الارياف ومن النازحين السوريين، لم تعد تحتمل المزيد من الضغوط الأمنية. إذ أن المنطقة ذاع صيتها في الآونة الأخيرة بعد المواجهات المسلحة بين الجيش اللبناني وتنظيم «فتح الاسلام» في مخيم نهر البارد في العام 2007. ثم تسارعت الأحداث ولم تلبث ان تحولت إلى مقصد للإعلاميين، إن كان على صعيد المواجهات مع جبل محسن او بسبب «الجهاديين» الذين خرجوا منها الى سوريا والعراق، وقاتلوا الى جانب التنظيمات الاسلامية، ومنهم من نفذ عمليات انتحارية هناك. بالإضافة إلى اتهام احد أبنائها بتزويد الانتحاريين اللذين قتلا في احد فنادق بيروت بالاحزمة الناسفة، قبل ان تدهمه قوى امنية في مبنى «سيتي كومبلكس» بطرابلس وتقتله داخل الشقة التي كان يتحصّن فيها.
ربما كانت منطقة المنكوبين، التي صدمت كجبل محسن بالتفجير المزدوج، تنتظر أن تحصل على بعض من حقوقها على الصعد الإنمائية والإنسانية والمعيشية. فهي أصلاً اتخذت اسمها تيّمناً بالنكبة التي ألمّت بالمدينة وسرعان ما توسّعت وتحوّلت إلى مجمع سكني كبير بعدما وجد فقراء الارياف ضالتهم في مسكن داخل المدينة.