IMLebanon

“مانوكان” رئاسي!

ربما لا يخطر لكثيرين من نواب سابقين وحاليين ان يقارنوا جولات الحوار الجاري في مجلس النواب بجلسات حوار الطائف قبل ربع قرن ولكن ربما تجوز بعض وجوه المقارنة، أقله ببعض الخيال، من حيث الشكليات التي تحفز “الإخوة” المتحاورين على تعميق “إنجاز” استجماع مواصفات رئيس الجمهورية العتيد. لا ندري بعد مضي ١٧ شهراً من الفراغ الرئاسي كم يمكن الرهان بعد على بقية قرار سياسي “مستقل” لدى القوى اللبنانية الحالية في انتشال نفسها كما لبنان من أسوأ ما اصاب طبقة سياسية وما اصاب لبنان على أيديها اقله في العقد الأخير. والحال ان خلوات الحوار النيابي الجاري التي انتهت في جولتها الأخيرة الى خلاصة أدرجت في “جدول مقارنة” للمواصفات الرئاسية افقياً وعمودياً لا تثير سوى مزيد من تعميم مزاج السخرية لدى اللبنانيين حيال القوى السياسية لانعدام الثقة بقدرتها على اجتراح المعجزات باعتبار ان ازمة الاستحقاق الرئاسي حكمت على هذه القوى بالإعدام المعنوي والعملي سواء بسواء. لعل أفضل ما كان يمكن تقديمه عبر هذا الحوار، التعامل بصراحة اكبر مع هدفه الضمني وهو بداية التموضع الداخلي استعداداً لتسويات اقليمية مفترضة تأتي برئيس للجمهورية بعدما استحالت العملية الانتخابية من الداخل بما يعني ان على الطاقم السياسي الحالي ان يتحلى بواقعية اسلافه الذين لاقوا التسوية الخارجية بما يمهد لها فعلاً لا فولكلوراً فارغاً من اي محتوى جدي. لا نخال على سبيل التحديد والتفصيل ما دام جدول مقارن بما سمي بالمواصفات الرئاسية قد صار من “وثائق” هذا الحوار ان التعمية لا تزال صالحة لستر عورات العجز السياسي عن اقتحام غمار الاستحقاق من بابه العريض. اي مواصفات هذه وحول الطاولة وخارجها تضج مواصفات مرشحين مثقلين بالحيثيات الضاجة والصارخة التي تأبى اي تصنيف سوى الانخراط في التحدي الديموقراطي لاختيار واحد من بينهم؟ اتراهم فعلاً يتصورون القدرة على إقناعنا بأن استراتيجية الخروج من الفراغ الرئاسي تحتاج الى “مانوكان” رئاسي اشبه بقالب مفبرك لكي يُملأ بالشخص الملائم حين تحل عقدة القصور السياسي فيغدو لدينا الرئيس العتيد؟ كدنا نظن ونحن نقرأ الجدول بأننا أمام “فبركة” حوارية تستنبط الرئيس من الجمع والطرح لا من مواصفات حاضرة باشخاصها ومرشحيها. لا يحتاج العماد عون والدكتور جعجع والرئيس الجميل والنائب فرنجية من نادي الزعماء ولا الوزير السابق عبيد والحاكم سلامة والجنرال قهوجي الى تصنيفات للمواصفات ابدا. واذا توغلوا خارج النادي فالأسماء المختارة يجب ان تكون مؤهلة للنطق بصلاحياتها دون تصنيف. ما هذا الذي يجري في فراغهم؟ هل يستحيل اعترافهم بأن اختيار الرئيس صار حصراً على حيثية واحدة هي قوى سياسية حرة ام مستتبعة وكفى.