وصف وزير الإقتصاد السابق منصور بطيش “كلّ ما يحصل اليوم بأنه هروب الى الامام وتهرّب من تحمّل المسؤولية، لدى من شاركوا في رسم وهندسة وتطبيق السياسات الإقتصادية والمالية والنقدية في البلد طوال ثلاثة عقود”.
وأشار في حديث لـ”نداء الوطن” الى أن هناك فرقاً بين الخسارات التي يتحدثون عنها وإجمالي الدين العام الذي يتوزع على مستويين: دين عام حكومي، وفجوة مصرف لبنان. والدين العام الحكومي منقسم الى قسمين: قسم بالليرة اللبنانية قدرُه 95 ألف مليار ليرة، وقسم بالدولار الأميركي قدرُه 33.5 مليار دولار.
أما فجوة مصرف لبنان، فهي تتجاوز الـ 50 مليار دولار قبل احتساب قيمة الذهب. وبالنسبة لاحتساب الدَين العام الحكومي، المُسجّل في وزارة المال، فقد انخفض بما يوازي 40 مليار دولار دفعها كلها المواطنون، مباشرة او مواربة من جيوبهم، من خلال إضعاف القوة الشرائية للناس وانخفاض مستوى معيشتهم. فالدَين بالليرة اللبنانية والذي يبلغ 95 ألف مليار ليرة، يوازي حوالى 63 مليار دولار اذا كان سعر صرف الدولار 1500 ليرة، فيما يقدر بـ 23 مليار دولار على سعر الـ4000 ليرة. أي هناك خفض بما يوازي 40 مليار دولار من الدَين العام نتيجة تدهور سعر العملة الوطنيّة. لكن يبقى الاخطر، الدَين العام بالدولار بقيمة 33.5 ملياراً، وفجوة مصرف لبنان التي هي أيضاً بالدولار. وهما العبء الكبير على واقعنا اليوم”.
أضاف: “هذه وقائع يعرفها صندوق النقد الدولي الذي اشترط وجوب تخفيض حجم الدين العام الحكومي وصافي فجوة مصرف لبنان المركزي، مجتمعَين، ليصبح المجموع اقلّ من اجمالي الناتج المحلي الذي قد ينخفض هذه السنة من 49 ملياراً العام 2019 الى اقلّ من 35 مليار دولار.
كيفية المعالجة
ووصف بطيش “الخطة الإقتصادية بالمرتكز السليم الذي يجب الركون اليه واذا كان لا بد من تحسينات عليها فيجب ان يبحث الامر بشكلٍ هادئ وبدون مزايدات وشعبويّات”.
وشدّد على “وجوب ان تتم معالجة الفجوة الكبيرة الموجودة والبالغة بين 50 و60 مليار دولار كخسائر بعد ان نحتسب قيمة الذهب من جهة، وما سيبقى من دَين عام يُفترض ان يكون اقل من اجمالي الناتج المحلّي. ورأى ان المعالجة تكون باشراك حاملي سندات اليوروبوندز الاجانب ومصرف لبنان المركزي والمصارف والدولة، في تحمّل الخسائر، باعتبار انه سيبقى على الدولة دَين عام بما يوازي 35 مليار دولار، واذا ظل هناك اي مبلغ بعد هذا التوزيع العادل، فيجب ان يتم البحث في معالجته بشكل علمي وهادئ من الذين استفادوا في الماضي من الفوائد الذين يجب عليه ان يساهموا في الحل، ولا يمكن القبول بان تكون المعالجة على حساب صغار المودعين والفقراء لان هؤلاء يجب ان يعيشوا بكرامة لا ان نقتطع من نسبة ودائعهم، لأن قطْع الأرزاق من قطْع الأعناق، أو أن نحجز أموالهم، فهذا امر خطير للغاية ومرفوض بالمطلَق”.
أما بالنسبة الى خسائر القطاع الخاص، فرأى بطيش ان “هذه لها معالجاتها المستقلة. ويمكن العمل على تكوين مؤونات على ديون القطاع الخاص التي سيصبح جزءٌ منها مشكوكاً بتحصيله، تتناسب مع الواقع الاقتصادي الحقيقي. فهذه الخسائر هي خسائر محتملة وليست خسائر محققة، انما يمكن تكوينها خلال فترة قصيرة من ارباح المصارف في فترة لا تتعدى السنتين، استناداً الى تقرير يصدر عن لجنة الرقابة على المصارف وتعاميم يصدرها مصرف لبنان المركزي على ضوء قانون النقد والتسليف”.