IMLebanon

ملاحظات على مقال منصور بطيش

 

 

لقد انكبّ منصور بطيش المصرفي والاقتصادي المتميّز على تحليل اوضاع الأزمة المصرفية والاقتصادية، ونشر مقالاً طويلاً في جريدة «الجمهورية» على الصفحتين 6 و7 من عدد الثلاثاء في 18/5/2021.

 

بداية، اود التأكيد اني اتمتع بعلاقة صداقة وتقدير معه، وقد اجتمعنا مرتين وبحثنا في الشأن العام قبل تولّيه وزارة الاقتصاد ومحاولته فك القيود الاحتكارية عن حاجات المستهلكين.

 

رغم التقدير، أود الاشارة الى اني أخالفه في استخلاصاته المتعلقة اولاً بالمرسوم 1943، الذي صاغه الياس سابا خلال تولّيه وزارة المال في اوائل عهد الرئيس سليمان فرنجية، ومن ثم تقديره لدور الوزير جورج قرم، بإقدامه على تكريس الضريبة على القيمة المضافة، وان كان بمعدل مخفوض.

 

اني اخالفه الرأي بالنسبة الى تقييمه للوزيرين لإسباب اوضحها ادناه، علمًا أني لا أخالفه بالنسبة لمبادرات الوزير اميل بيطار لضبط اسعار الدواء والاستشفاء وإنشاء التحكّم بتسعيرات الادوية وإبقاء القطاع في بؤرة الاحتكار. وهو اشار الى لمسات لنظريات كمال جنبلاط التقدمية، واوضح انّ إقصاء جورج افرام عن مسؤولية تطوير شبكة الكهرباء ادّى الى تولّي هذه المسؤولية من سياسيين غير مدركين معطيات التكنولوجيا الحديثة، فكانت كارثة استهلاك حاجات الكهرباء من دون مناقشة لأي احتياطي كان متوافرًا.

 

اتمنى بداية البحث في المرسوم 1943، الذي اراد الياس سابا تطبيقه، واعتبر انّه يرفع الرسوم الجمركية على 545 سلعة كمالية لها بديل منتج محليًا.

 

لقد خالفت المرسوم المشار اليه بمقال في جريدة «النهار» كان عنوانه «خطأ في التقدير والتقرير»، وقد تبنّى الحجج التي أدليت بها، غالبية النواب في مؤتمر انعقد في فندق البستان. ولأجل التوضيح، الياس سابا ابن ضيعتي كفرحاتا الكورة والمتخرّج من جامعتي، اكسفورد، وهو لم يركّز على الكماليات كما يقول منصور بطيش. فعلى سبيل المثال، أخضع تعريفات غرف العمليات في المستشفيات لمعدلات ضريبية مرتفعة، وعمد الى صوغ المرسوم من دون مشورة زملائه من الاختصاصيين، وقد استشعر ذلك الرئيس فرنجية، وكانت الموازنة تحقق فوائض في حينه، فاختار الرئيس تكليف صائب الجارودي (رئيس الصندوق العربي سابقًا) والدكتور حسن مشرفية استاذ العلوم الفيزيائية، مراجعة اسباب المرسوم ونتائجه، وكان رأيهما انّه مضرّ. وأدّى التوافق مع التقييم الذي انجزته الى الغاء المرسوم. ولأجل اعلام الاستاذ منصور بطيش، لم يكن المرسوم يؤدي الى التوقعات التي أدرجها.

 

بالنسبة الى إبعاد جورج افرام عن مؤسسة الكهرباء وإعادة تجهيز لبنان بالمنشآت الحديثة، الحق مع تحليل الاستاذ بطيش واضح. فالكهرباء عانت مع ايلي حبيقة ومن بعده بدءًا بوزير «التيار الوطني الحر» الاستاذ طابوريان الذي اراد اعتماد الفحم الحجري لإنتاج الكهرباء، وسلسلة وزراء الطاقة من جبران باسيل الى خياراته في تكديس الدين العام بـ40 مليار دولار خلال عشر سنوات ومع فوائدها تكون النسبة 65% من الدين العام.

 

والاستاذ بطيش كونه من «التيار الوطني الحر»، يتفادى الانتقاد الواضح بالنسبة الى الكهرباء ويقول، وهو على خطأ، انّ عهد رفيق الحريري جمّد التعرفة، وبالتالي تزايدت مبالغ العجز مع ارتفاع سعر النفط. والرئيس السنيورة اوضح انّه رافق الوزير طابوريان الى العراق، حيث كان العراقيون مستعدين لمساعدة لبنان بخفض اسعار المشتقات وتمكين اللبنانيين من زيادة التعرفة وبالتالي خفض العجز. لكن الوزير طابوريان، رغم اقتناعه، عاد الى الرئيس السنيورة برفض «التيار الوطني الحر» التعاون المطلوب واي تعديل للفاتورة.

 

بالنسبة الى جورج قرم، وهو رجل نزيه وعمل مع بعثة «ايرفيد» التي استقدمها الحكم الشهابي من أجل وضع تصور لضبط الفروقات في الدخل والخدمات ما بين المناطق، فليس هو من اقترح إقرار الضريبة على القيمة المضافة، بل كان سبقه الى هذا الاقتراح الوزير السنيورة، حينما كان وزيرًا للمال.

 

يبقى القول، انّ حكومة حسان دياب وضعت مخططًا لمعالجة الوضع، والحقيقة اننا لا نعلم بتفاصيل هذه الخطة، وكل ما سمعناه انّ حكومة دياب استطاعت توضيح الخطوات المطلوبة لتنفيذ المشاريع الاصلاحية، ويبدو انّ حاجات زيادة الموظفين كانت هي الطاغية، فساهمت حكومة دياب في زيادة النفقات الحكومية والعجز، من دون ان تساهم في توضيح خطوات التصحيح.

 

وأثار الاستاذ بطيش ايضًا موضوع المحاسبة الجرمية لأعمال مصرف لبنان، وهو مع إقراره بالعجز الذي يتناول اوضاع الكهرباء، لا يطالب بإخضاعها للمثل. وهذا دليل على انتسابه الى «التيار الوطني الحر».

 

اننا نختلف مع الوزير بطيش حول تحليله وخلاصاته. وقد انهيت كتابًا عنوانه «لبنان مغمور بالسواد لست سنوات 2014-2020»، ونحن ننتظر من يكذّب هذا الواقع المحزن.