وصل الوزير السعودي ثامر السبهان الى بيروت مساء الخميس وباشر لقاءاته مع المكوّنات السياسية اللبنانية. تعتبر هذه الزيارة بمثابة تأييد سعودي لإنهاء الشغور الرئاسي في جلسة ٣١ تشرين الأوّل، بغضّ النظر عن المرشّح الذي سيفوز في الانتخابات، ممّا يؤمّن التغطية العربية لمبادرة سعد الحريري في إنهاء الشغور.
عقد في موسكو بالأمس اجتماع ثلاثي بين كلّ من وزراء خارجية روسيا وايران وسوريا عشيّة الاستحقاق الرئاسي، مع حديث عن اهتمام روسي بالإنتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى معلومات عن نية الرئيس الفرنسي زيارة لبنان للتهنئة مع هواجس فرنسية على اهمية إتمام العملية السياسية بأكملها رئيساً وحكومة، هذا بالاضافة الى اتصالات مكثفة للعديد من الدول الضامنة للاستقرار حتى الآن والمشارِكة في القوات الدولية في الجنوب على أساس القرار ١٧٠١والمتضمن القرار ١٥٥٩الصادر في ٢ أيلول ٢٠٠٤ والخاص برئاسة الجمهورية اللبنانية.
مع وصول الموفد السعودي الى بيروت بدأت ملامح العقلانية تعود الى بعض السياسيين اللبنانيين غير المؤمنين بأنّ الرئيس قد يصنع في لبنان والباحثين عن الضمانات والأثمان. وبهذا ربما تنتهي التهيئات والهلوسات التي ظهرت بعد تحريك سعد الحريري عملية إنهاء الشغور الرئاسي بترشيح ميشال عون رئيساً للجمهورية، ناهيك عن احاديث الانتحار والاحباط والانتصارات من هنا وهناك.
مع وصول الموفد السعودي الى لبنان أصبح من المؤكد أنّ ٣١ تشرين الأوّل سيكون يوم انتخاب رئيس للبلاد، بعيداً عن البوانتاجات والاجتهادات والتهيئات والأمنيات التي يحوّلها أصحابها الى معلومات يذهب ضحيتها المساكين العوام الذين يصدّقون أنّ هناك من يحرص على مشاعرهم ورغباتهم. رغم ان طبيعة الجلسة لا تزال محل نقاش لدى العديد من الكتل النيابية حول كيفية الإخراج وحفظ التوازنات والالتزامات مع الحلفاء.
مع وصول الموفد السعودي الى لبنان انكشف الاعلام اللبناني، المرئي والمسموع والمكتوب والرقمي والفضائي، وأنه لا يوجد في لبنان من يجيد القراءة في الكتب الجديدة للسياسات الدولية والإقليمية، حيث أنّ الجميع خاسرون وبدون استثناء، لأنّ الانتصارات في الميادين العسكرية غالباً ما تكون هزائم في السياسة والاقتصاد.
مع وصول الموفد السعودي الى لبنان ستنتهي أطروحات الحرص والادعاء باحتكار المعرفة بالدولة وأسرارها، وسيكتشف الصغار والكبار أنّ الدول الفاعلة لا تتصرّف على أساس الهواجس الشخصية بل على أساس الوقائع والمصالح، وأنّ ما من أحد له مصلحة في التحاق لبنان بالحريق السوري او العراقي، لأسباب وأسباب وأسباب تتعدى ما يحب فلان او ما يكرهه فلان، اي ان لبنان لم ينعم بالاستقرار بفضل حكمة ابنائه بل بسبب الحماية الاقليمية والدولية التي أمّنت هذا الاستقرار خلال فترة الشغور الرئاسي.
مع وصول الموفد السعودي إلى لبنان ستنتهي محاولة العديد من السياسيّين الاحتماء بالعبث المذهبي والطائفي، وذلك عبر استحضار خطاب الانتقام والثأر وإثارة الغرائز التي من شأنها التضحية بالبسطاء الطيّبين وبالاستقرار العام. وسيشهد لبنان في الساعات القادمة تغييراً في المزاج العام والخطاب السياسي والشروط والمحاذير، وسيحاول الجميع استخدام السوابق السياسية في التعطيل والكيدية خلال التجارب السياسية والحكومية السابقة والحالية، وسيصبح الجميع غيارى على لبنان واللبنانيّين، ممّا يجعلنا نستذكر قول المهاتما غاندي: «كثيرون حول السلطة، قليلون حول الوطن».