Site icon IMLebanon

تهويل كثير… والحكومة باقية

أكد وزيرا “التيار الوطني الحر” أنهما لن يستقيلا من الحكومة، ومردّ هذا الى أسباب عدة: أولاً إن الحكومة يمكن أن تمضي من دونهما ومن دون “التيار”، وثانياً إن أياً من الحلفاء في 8 آذار غير مستعد للاستقالة، وثالثاً إن الوزيرين غير مستعدين لهذا العمل القبيح والسيئ المردود عليهما، ورابعاً إن السيد حسن نصرالله تمنى على العماد ميشال عون ذلك، وخامساً لأن الأمر يعرقل امور البلاد والعباد من أنصارهم ولا يسهم في تعيين قائد جديد للجيش أو يعجّل في انتخاب رئيس للجمهورية.

وفي ضوء هذه الاسباب يصير واضحاً ان القرار الدولي – الاقليمي الذي أنتج هذه الحكومة أقوى وأفعل من حملات التهويل اليومية، ومن إرادات اللاعبين المحليين. صحيح ان في امكان الداخل ان “يخربط” الامور متى شاء، لكنه لن يكون قادراً عندها على اعادة الامساك باللعبة وتصويب مسارها، أي اننا يمكن ان نذهب الى فوضى عارمة تشبه الى حد بعيد، الاوضاع المأسوية التي تحيط بنا من كل جانب. من هنا، قرار الحفاظ على حكومة الرئيس تمام سلام كمصلحة وطنية عليا لا يمكن معاكسته الا من باب تدمير الهيكل على مَن فيه “عليّ وعلى اعدائي”. وهذا لا يحصل الا عند الوصول الى حائط مسدود كلياً، أي عند بلوغ اليأس الذي يلي سقوط النظام السوري.

لكن الحقيقة ان التركيبة اللبنانية على علاتها، لا تزال قابلة للحياة، وقادرة على استيعاب المكونات الداخلية، والتناقضات الخارجية، والتعامل مع اللاجئين أياً كان لونهم وجنسهم ودينهم، وهي بذلك توفر مساحة التقاء ولقاء لكل المجموعات المتنازعة والمتصارعة، وما على الفاعلين في البلاد إلاّ الاستمرار في التقاط الفرص المناسبة للعبور من النفق المظلم الى الامان والاستقرار وتحقيق السيادة.

والدعوة هذه ليست شعراً ونثراً وتمنيات، إنما قراءة واقعية في أوضاعنا التي حافظت على استقرارها على رغم كل حروب المنطقة، ويمكن أن تستمر إذا أفاد كل طرف من حليفه في الخارج لضمان هذا الاستقرار عوض أن يتحول أداة تفجير تخدم مصالح البعض ممن يريدوننا أن نشكل ورقة ضغط في مفاوضاتهم وحساباتهم، قبل أن يتخلّوا عنا، لنرمى في مزبلة التاريخ.

الحكومة باقية ويجب ان تستمر ما دام لا بديل منها ولا آلية دستورية لتأليف أخرى، وأي تلاعب بها قد يعرض المؤسسات مجتمعة للانحلال والتفكك، ولا نفع عندها لتبادل التهم بالمسؤولية.