الخريطة تعني أن الحرب ليست فقط على حزب الله كما يزعم العدو بل على لبنان كله
لم يكن مفاجئاً أن ينشر العدوّ خريطة يزعم فيها وجود مخازن سلاح للمقاومة في القرى التي يعيش فيها عناصر حزب الله ومؤيدوه وحاضنته الشعبية. لكن المستغرب أن تتضمّن الخريطة قرى ومدناً لا وجود شعبياً فيها لحزب الله، ولا أثر لأي نشاط عسكري له فيها، وبعضها تنتشر فيه قوى سياسية على خصومة معه، كقرى راشيا وحاصبيا وبعض بلدات البقاع الغربي
أثارت الخريطة التي نشرّها العدو الإسرائيلي قبل أيام، عن بنك أهداف للمقاومة في الجنوب والبقاع الغربي تحضيراً لأي «معركة مقبلة»، وصنّفت في خانة «السرية»، حالة من التساؤلات لدى أهالي جبل الشيخ ووادي التيم وقرى البقاع الغربي، بعد أن «لَفَّقَت» الخريطة مواقع ونقاطاً قالت إنها مخازن أسلحة لحزب الله في قرى مأهولة بالمدنيين، والكثير من التكهنات، خصوصاً أن غالبية القرى التي تمّ ذكرها لا وجود فيها لحزب الله، وبعضها يشكّل قواعد لأحزاب وتياراتٍ سياسية على خصومة معه.
في راشيا الوادي، رأى أغلب من التقتهم «الأخبار» من الأهالي والفعاليات، أن نشر الخريطة تهديد جدّي، ومنهم من اعتبر الاشارة إلى السفح الغربي لجبل الشيخ مرتبطة بنيّة إسرائيل «فتح ثغرة لمساعدة جبهة النصرة في المنطقة الجنوبية السورية، للالتفاف على النقاط العسكرية السورية في السلسلة الشرقية، بمحاذاة منطقة حلوة وعيتا الفخار وعين عطا»، خصوصاً أن منطقة راشيا هي الطريق من الجنوب إلى منطقة المصنع الحدودية مع سوريا، والتي تقطع طريق دمشق ــ بيروت. ورأى آخرون أن وضع هذه المنطقة على خريطة الأهداف الاسرائيلية يأتي لـ«قطع طرق إمداد حزب الله». ويرى الإعلامي عارف مغامس أن «وضع منطقة راشيا مؤشر على أن الاستهداف لجميع شرائح المجتمع اللبناني وفئاته، وليس كما يدّعي العدو أن المستهدف هو حزب الله ومستودعات أسلحته ومنصاته الصاروخية».
خشية من نيّة إسرائيلية لفتح ثغرة في جبل الشيخ لمساعدة «جبهة النصرة»
وبحسب رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ صالح أبو منصور، فإن ذكر اسم راشيا وقرى جبل الشيخ في بنك أهداف العدو «يدعو إلى الفخر، ما يعني أن الحرب ليست فقط على حزب الله كما يزعم العدو، بل على لبنان كله وجميع المناطق اللبنانية»، و«المنطقة كانت سنداً رئيسياً للمقاومة الوطنية أثناء الاحتلال، وفي عدوان 2006 قُصفت المنطقة وقصف طريق راشيا الجنوب أكثر من ست مرات».
أما في قرى البقاع الغربي، سحمر ولبايا ومشغرة ويحمر وميذون، فلم يكن الأمر مفاجئاً، إذ سبق للعدو أن استهدف المنطقة بشكل دائم على مدى العقود الماضية، وآخر اعتداءاته في حرب تموز، حيث جرى تدمير ممنهج لمنازل المدنيين، وهي في الأساس من ضمن أهداف العدو، حتى لو لم تكن تحتضن مخازن وراجمات صواريخ.
أمّا في القرعون وبعلول ومجدل بلهيص في البقاع الغربي، فرأى بعض من سألتهم «الأخبار» أنها «من الممكن أن تكون من ضمن بنك الأهداف، رغم أنه لا وجود عسكرياً لحزب الله هنا، لكن الهدف هو إيقاع الفتنة المذهبية في المنطقة، وتحميل حزب الله مسؤولية الحرب المقبلة»، فيما اعتبر آخرون أن «أخطر ما في الخارطة هو الإشارة إلى سدّ القرعون، الذي يعتبر المصدر المائي الرئيسي للطاقة والزراعة لكل القرى المحيطة به، ويؤدي ضربه إلى كارثة في المنطقة».
غير أن رئيس اتحاد بلديات البحيرة ورئيس بلدية القرعون يحيى ظاهر، الذي لم يشأ الدخول في تفاصيل ما نُشر، اعتبر أن «أي محاولة إسرائيلية للتقدم وضرب هذه القرى، ما هو إلا عقاب على موقفها التاريخي الحاضن والمدافع عن جميع المقاومات التي كانت تنطلق من وادي البقاع لقتال الاحتلال»، مؤكّداً أن «القرعون هي بلدة الشهيدة لولا عبود، وأي عدوان على لبنان سيزيد أبناء المنطقة تماسكاً واستعصاءً على المشروع الفتنوي».
من جهة أخرى، أخذت الأجهزة الأمنية نشر الخارطة الإسرائيلية على محمل الجدّ. وقال مصدر أمني لـ«الأخبار» إن «تخوف القوى الأمنية والعسكرية مرتبطٌ بما يحكى عن نية إسرائيل فتح جبهة على الحدود لدفع النصرة في القنيطرة في المقلب السوري، إلى الاقتراب من قرى شبعا وكفرشوبا وحلتا والماري»، معتبراً أن «وضع أسماء قرى وبلدات بقاعية ليست حاضنة لحزب الله يهدف إلى ذر رماد الفتنة في العيون».