قرار مجلس الأمن الرقم ٢٢٥٤ هو الترجمة الديبلوماسية لمفاعيل العملية العسكرية الروسية في سوريا. واذا كانت واشنطن تولت صوغ المسودة الأولى لمشروع القرار، فإن موسكو فرضت قاموسها بعدما صارت لها اليد العليا في حرب سوريا. ولولا خطوة الرئيس فلاديمير بوتين التي غيرت قواعد اللعبة لما كان ممكناً فتح اللعبة التي بقيت مغلقة بالفيتو على مدى سنوات في مجلس الأمن. لكن التفاهم على خارطة طريق الى تسوية سياسية في سوريا ليس ضماناً لسهولة السير أو حتى لبدئه على الطريق المرسوم. فلا التفاهم شمل الخلافات على أمور أساسية لم يجد المتفاهمون بداً من تغييب الاشارة اليها مثل مصير الرئيس الاسد. ولا الطرفان المطلوب أن يتفاوضا على التسوية، أي النظام والمعارضة، يكتمان الاعتراض على بعض ما في القرار وخارطة الطريق. ولا الأطراف المطلوب ضربها لتطبيق خارطة الطريق، أي داعش وجبهة النصرة وعشرات التنظيمات الارهابية، تقبل مفهوم التسوية وتتخلى عن مشاريع الدولة الدينية والأرض التي تسيطر عليها.
ذلك أن نص القرار فضفاض في العناوين العامة وتسجيل ما يرضي كل عضو في المجموعة الدولية لدعم سوريا بمقدار ما هو ضيّق في تحديد الأمور الملموسة. فكل طرف يستطيع أن يقرأ فيه ما يريد. والكل يعرف أن التفاوض على تسوية تعكس موازين القوى على الأرض حالياً يقود الى لا مكان. فضلاً عن أن مرجعية المفاوضات واسعة وقابلة لتفسيرات مختلفة. اذ هي لم تعد مقتصرة على بيان جنيف-١ الذي لا يزال الخلاف على تفسيره قائماً منذ العام ٢٠١٢ بل صارت تضم اليه بياني فيينا. والمجموعة الدولية التي يقر مجلس الأمن بدورها وكونها المنبر الرئيسي لتيسير التسوية هي منبر لخلافات وصراعات مشاريع، ومعظم أعضائها من المشاركين مباشرة أو بالواسطة في الحرب.
والسؤال هو: الى أي حد يمتلك السوريون زمام عملية انتقال سياسي لإنهاء النزاع في معزل عن القوى التي تساعد هذا الطرف أو ذاك؟ متى كانت الدول المتدخلة في حرب بالمال والسلاح والرجال جمعيات خيرية تساعد من دون أن تكون لديها مصالح تتطلب حصصاً أو نفوذاً في أية تسوية سياسية؟ واذا كان على أرض سوريا ١٦٧ تنظيماً ضمن لائحة المنظمات الارهابية الممنوع التفاوض معها والتي لا يسري عليها وقف النار، فكيف يمكن ترتيب وقف النار في اطار عملية سياسية تقود الى دستور جديد وانتخابات في ظل الحرب على الارهاب؟
المهم هو ألا يذهب القرار التاريخي في مجلس الأمن الى الأرشيف. –