في وقت بات السؤال مشروعاً عن جدوى استمرار عقد جلسات فاشلة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، باعتبار أن الجلسة الـ11، غداً، لن تكون مختلفة عن سابقاتها، ارتفعت حدة المواجهة بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» على نحو غير مسبوق، ما ينذر بوصول الأمور بين الحليفين المفترضين إلى نقطة اللاعودة، بعد المواقف الأخيرة للنائب جبران باسيل الذي انتقد الحزب وبشدّة، دون تسميته، بسبب موافقته على حضور جلسة حكومة تصريف الأعمال، اليوم، ضارباً عرض الحائط «تفاهم مار مخايل» الذي يمرُّ في ظروف بالغة الدقة، بعد اتساع الهوة بين طرفيه، نتيجة تراكم الخلافات في الأشهر السابقة، ما دفع بالفريق «العوني» إلى المطالبة علناً بإعادة النظر بهذا التفاهم، إذا استمر الحزب على موقفه في عدم مراعاة الشراكة بمعناها الحقيقي مع حليفه المسيحي، مع ما يمثله هذا الطرف إلى جانب قسم كبير من اللبنانيين.
ad
ولا يبدو «حزب الله» في موقع الطرف الذي يريد التضحية بتفاهمه مع «التيار»، بدليل أنه أبلغ رئيس حكومة تصريف الأعمال أن وزيريه، سيخرجان من الجلسة إذا تم التطرق إلى غير ملف الكهرباء، باعتبار أن حضور الوزيرين، جاء مشروطاً ببند الكهرباء، ولحاجة البلد والناس لإقراره. في إطار مراعاة الحزب لحليفه «العوني»، وتفادياً لكسر الجرّة معه. وهو أمر لم يلقَ صدى إيجابياً عند «الوطني الحر»، على ما علمت «اللواء» من مصادر موثوقة، باعتبار أن «التيار البرتقالي» ينظر إلى خطوة الحزب، وللمرة الثانية بحضور جلسات لحكومة تصريف الأعمال، بكثير من الريبة، كونها تشكّل ضربة موجعة للتفاهم بين الطرفين، في حين كان يفترض أن يظهر الفريق الشيعي حرصاً أكبر على هذا التفاهم، ولا يشارك في جلسة تستفز قسماً كبيراً من اللبنانيين، وفي ظل غياب رئيس للجمهورية.
واستناداً إلى المعلومات، فإن هناك مطالبات من قيادات «عونية» بوجوب وضع النقاط على الحروف في ما يتصل بمستقبل العلاقة مع «حزب الله»، مع ما يعني ذلك من إعادة نظر شاملة لـ«تفاهم مار مخايل» بحسب ما تراه هذه القيادات التي بدأت تضغط على رئيس «الوطني الحر» للإقدام على هذه الخطوة، ولا سيما أن العديد من الكوادر الحزبية في «التيار البرتقالي» لا ترى أن الحزب يبادل شريكه في التفاهم الحرص على بقائه، من أجل تعزيز الوحدة الوطنية في البلد، ولحماية السلم الأهلي في مواجهة محاولات زعزعة الاستقرار. وهذا ما ظهر بوضوح من خلال المواقف التي أطلقها النائب باسيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي المقابل، فإن للحزب وجهة نظر أخرى حيال مشاركته في جلسة الحكومة للمرة الثانية، كما تقول مصادر نيابية لـ«اللواء»، لناحية أن هذه المشاركة تبدو ضرورية لا بل مطلوبة في طل الظروف الحياتية والمعيشية الدقيقة التي يمرُّ بها لبنان. وبالتالي فإن حضور وزيري الحزب جلسة الحكومة، ليس موجهاً ضد أحد، وإنما يأتي استجابة لضرورات وضع البلد، بهدف تأمين اعتمادات للكهرباء، للتخفيف من معاناة الناس. وأكثر من ذلك، فإن الحاجة تبدو ضرورية لعقد جلسات للحكومة، طالما أن الوضع الداخلي يستدعي ذلك، مع حرص الحزب على «تفاهم مار مخايل» مع «الوطني الحر»، لأن في ذلك مصلحة للعيش المشترك ولجميع اللبنانيين دون استثناء.
وسط هذه الأجواء، استكمل الوفد القضائي مهمته التحقيقية، في قاعة محكمة التمييز في قصر العدل، أمس، بالاستماع إلى رئيس مجلس الإدارة، المدير العام لبنك الموارد مروان خير الدين، ولنائب حاكم مصرف السابق أحمد الجشي، بعدما كان على جدول أعمال الوفد جلستا تحقيق في حضور المحامية العامة القاضية ميرنا كلاس. واستمع القضاة خلال الجلستين إلى النائب السابق لحاكم «المركزي» سعد العنداري، ومن ثم إلى موظف سابق في المصرف المركزي، على أن تستمر التحقيقات حتى الجمعة المقبل، دون استبعاد أن يطلب الوفد تمديد إقامته، وطلب أشخاص آخرين، للاستماع إلى أقوالهم إذا وجد ضرورة لذلك، في سياق التحقيقات التي يجريها، لإماطة اللثام عن الكثير من جرائم تبييض الأموال التي حصلت في السنوات الأخيرة.