تتلاحق التساؤلات حول المسار الجديد لعلاقة حزب الله و»التيار الوطني الحر» مع انسداد الأفق الرئاسي، والحديث المتنامي عن انهيار مرتقب لتقاطع التيار والمعارضة، مما يحتم إعادة تفعيل العلاقة وقنوات التواصل بين حليفي تفاهم مار مخايل، التي لامست مؤخرا حد القطيعة ووصلت الى نقطة اللاعودة، بسبب الخلاف الرئاسي ورفض النائب جبران باسيل إنتخاب الوزير السابق سليمان فرنجية، وتموضعه في معسكر إنتخابي آخر. فلا أحد توقع منذ توقيع تفاهم مار مخايل ان يحصل الانتقال العوني في الاستحقاق الرئاسي، فينتخب التيار مع المعارضة رئيسا للجمهورية بمواجهة فرنجية.
وعلى الرغم من الاختلاف الرئاسي العميق، فالتوقعات أن لا يستمر الافتراق طويلا، ليس سهلا على باسيل ان يكمل مشروعه الرئاسي بمرشح منافس لحلفائه في فريق ٨ آذار. وتتحدث المعلومات عن مساع ووساطات لتقريب وجهات النظر الرئاسية بين الحليفين بعد توقف استمر لأشهر.
والمساعي كما تقول مصادر سياسية قد لا تصل بالضرورة الى نتيجة إيجابية سريعا، خصوصا ان باسيل يفكر حاليا بالمرشح الرئاسي الثالث، فيما حزب الله يرفض إخراج رئيس «تيار المردة» من لائحة المرشحين او البحث في أي خيار رئاسي. أما من جهة رئيس التيار، فالموقف ثابت بأن الرئيس المقبل يجب ان يلقى قبولا أوليا من الكتل المسيحية، وان سيناريو الإنتخابات الرئاسية التي أوصلت العماد ميشال عون الى بعبدا لن تتكرر مع سليمان فرنجية، مما يؤشر الى بقاء العقد السابقة على حالها في ما خص تفاهم التيار وحزب الله رئاسيا.
ووفق المتابعين لعلاقة الطرفين، فان لجوء باسيل الى التصعيد ورفع سقف المواجهة، لا تعني انه يرغب بالذهاب بعيدا في الخلاف وتوتير الأجواء الداخلية او نسف العلاقة نهائيا، ولذلك يحاول في اطلالاته توجيه رسائل وتقديم عروض لحزب الله، بدعوته الى الحوار وإسقاط الشروط والشروط المضادة، إلا ان الدعوة الى الحوار تبقى من دون مردود عملي، طالما ان باسيل متمسك برفض البحث في إنتخاب فرنجية ، ويرفض النزول عن شجرة شروطه الرئاسية، الأمر الذي يعقد التفاهم الرئاسي من جديد مع حزب الله، الذي يعتبر ان رئيس التيار أخل بتفاهمات سابقة لتأييد معركة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية ميشال عون الرئاسية، خصوصا ان حزب الله لعب دورا في تقريب المسافة بين حليفيه في زغرتا وميرنا الشالوحي في الإنتخابات الرئاسية الماضية ، لإقناع فرنجية بالانسحاب من الإنتخابات في الوقت الذي كان يحظى بتأييد دولي وخارجي واسع يسمح له ان يصبح رئيسا.
ومع ان اشارات رئاسية ايجابية تم رصدها بين الفريقين، قد تؤدي الى الدفع نحو مرشح توافقي، لكن هذا الطرح «مفتاحه» تراجع باسيل عن اعتراضه على ترشيح فرنجية، فهذا هو الطرح الوحيد الذي يقبل به الحزب لبداية البحث في المخارج للأزمة الرئاسية، مع تأكيد المتابعين للعلاقة، انزعاج حزب الله من التصعيد الباسيلي، والأخطاء التي ارتكبت بحق الحلفاء. فباسيل تخطى القيادات العونية في توجيه السهام المسمومة تجاه حزب الله، عندما دعاه مباشرة الى عدم التدخل بالشؤون الداخلية لتياره، وعندما لمح الى ان خلافه مع الحزب يطال ملفات الفساد وبناء الدولة، مما أعطاه طابعاً عميقاً.