قبل نحو اسبوعين قام رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية بزيارة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في زيارة كانت لافتة المضمون والشكل خصوصاً انها حصلت بعد الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة وبعد فترة سيق فيها الكثير من التفسيرات والتأويلات التي رافقت العملية الرئاسية ومرحلة انتقال رئيس تكتل الاصلاح والتغيير الى قصر بعبدا ، فاللقاء بين السيد وفرنجية لا يمكن تحميله الكثير فالأول احتار بين «قلبه وعينه» في المعركة الرئاسية والثاني هو حليف الخط الاستراتيجي للمقاومة على مرور العهود والحقبات السياسية ، لكن الزيارة ربطاً بالتأزم الذي لم يجد حلاً بعد بين بعبدا وبنشعي وامتداداً للغرام بين معراب والتيار الوطني الحر يصبح لها معاني أكثر وتفسيرات مختلفة ، فطبول المعركة الانتخابية تدق على الأبواب والتنسيق العوني القواتي بلغ مداه والتحضير لماكينات انتخابية مشتركة لم يعد خفياً.
معركة البترون الأكثر حماوة او ام المعارك جرى تزييتها ودوزنتها على وقع اخراج متقن لنائب القوات من المعركة لترييح الوزير جبران باسيل ، الاستعدادات في زغرتا عرين فرنجية تشبه ما يحصل في الكورة التي لا تقل شأناً ، وفي بعبدا فتحت معركة الخدمات بين المردة في الأشغال والعونيين في وزارة الطاقة على مصراعيها في مواكبة واضحة للخلاف السياسي الذي لم يجد حلاً بين الرئيس في بعبدا والحليف السابق في بنشعي . فهل يمكن تقريب المسافات بعد تفاقم الخلاف والتعنت السياسي وصار الحليفان عدوين حقيقين سيترجمان حقدهما في الصناديق الانتخابية ، واذا كان التيار الوطني الحر مرتاحاً وفي احلى ايامه بعدما اوصل رئيسه الى القصر واحتل وزارات وأنجز تحالفاً سياسياً وانتخابياً مع معراب فاين مصلحة فرنجية في التغريد وحيداً وهل من حظوظ له في تحقيق اختراقات في مواجهة تسونامي القوات والتيار ؟
باعتقاد اوساط سياسية ان القانون الانتخابي الذي صار من المؤكد انه لن يكون قانون الستين بعدما ضرب رئيس الجمهورية «رجله على الأرض» وهدد بورقة الفراغ النيابية من شأنه ان يكون مصاغاً على قياس معظم الاطراف فلا يمكن تجاهل المستقبل الذي يعاني أزماته ولا يتعرض لهواجس جنبلاط على امارته الشوفية ولا الزعامات المسيحية القوية على غرار فرنجية ، كما ان الزعامات السياسية في زمن انهيار التحالفات وتغير معالم الخريطة السياسية يبحثون عن الملاذ الآمن لهم انتخابياً ، فالنائب فرنجية من المؤكد في حال استمرار القطيعة مع العونيين سيكون في مواجهة مؤكدة معهم وسيكون له تحالفاته الخاصة مع المستقبل وربما تحالفات غريبة عجيبة للنفاذ من التسونامي لانه يواجه قرار القضاء عليه انتخابياً بعد محاولة ضربه سياسياً في المعركة الرئاسية .
اما المصالحة مع رئيس الجمهورية ، فان كل المؤشرات تقول الاوساط لا تدل على خطوة معينة او زيارة قريبة او متوقعة لرئيس تيار المردة الى قصر بعبدا لوضع الخلاف السياسي جانباً وانهاء القطيعة السياسية التي حصلت في ملف الانتخابات الرئاسية بين الزعيمين المارونيين اللذين تنافسا على رئاسة الجمهورية ، فالمصالحة كادت ان تحصل عندما تدخل سيد الصرح قبل تأليف الحكومة في محاولة لم يكتب لها النجاح بعدما «تمرد» عليها واسقطها فرنجية بزيارة الى عين التينة أعادت الامور الى نقطة الصفر والمربع الاول ، لتعود وتتردد اجواء المصالحة مع زيارة وفد من تكتل الاصلاح والتغيير برئاسة النائب آلان عون في اطار جولاته على القيادات السياسية لاخذ رأيها في قانون الانتخابات النيابية ، فالزيارة من رئيس المردة الى القصر لم تحصل لا من اجل تهنئة رئيس الجمهورية ولا بعد تشكيل الحكومة التي حصلت فيها المردة على وزارة الأشغال
التفسيرات كثيرة في شأن التصلب المردي في مقاطعة العهد ثمة من يقول ان معركة الانتخابات النيابية المقبلة فتحت من فترة ومكاتب العونيين والمردة تعمل بقوة على الساحة الشمالية استعداداً للحرب الكبرى ، فالتيار البرتقالي يريد تسديد الضربة الاخيرة للمرديين في عرينهم الشمالي وفي البـترون في محـاولة لتحجـيم المـردة وضرب حضـورها .
رئيس تيار المردة كما تقول الاوساط لم يرم اوراقه او يستسلم في المعركة التي يخوضها وهو ربما مرتاح الى موقعه السياسي الجديد والى الجبهة السياسية الجديدة التي تجمعه مع رئيس المجلس ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ، فرئيس المجلس فاوض في التشكيلة الحكومية لانتزاع حصة المردة والا لكان مصير المردة الوزاري يشبه ربما الكتائب التي استبعدت من الحكومة بعدما أعطيت حصة لا تليق بها ، والتفاهم السياسي مع عين التينة يكسب في السياسة لكن مردوده في الانتخابات النيابية يكاد يوازي الصفر حيث لا مناطق مشتركة في الانتخابات بين المردة والحليف الشيعي في عين التينة من هنا فان المردة وفق الاوساط السياسية في حال لم تحصل المصالحة مع العهد سيكون حتماً في خندق انتخابي مواجهاً للتيار الوطني الحر في الشمال المتحالف مع القوات وربما متحالفاً مع اخصام سابقين وحلفاء جدد على الساحة الشمالية خصوصاً التي تشهد تحولات سياسية كبيرة .
سبق لرئيس الجمهورية عشية وصوله الى بعبدا ان وجه رسالة أبوية الى بنشعي واكثر من اشارة ايجابية في بداية عهده حيث كان من مصلحة الرئاسة لم الشمل المسيحي لكن هذه الرسائل لم يتلقفها رئيس تيار المردة الذي استمر بالمشاكسة خصوصاً وان تاريخ العلاقة التي استبقت الملف الرئاسي لم تكن حافلة بالكثير من الود فالتهميش العوني للمردة تضيف الاوساط من قبل الرابية في الحقبات السابقة بلغ سقوفاً مرتفعة في كل المحطات وبات من الصعب تجاهلها من جهة ، وفي حين يعرف عن رئيس الجمهورية عناده بمواقفه وهو الذي انتظر ستة وعشرون عاماً ليعود الى قصر بعبدا فان رئيس تيار المردة لا يقل تصلباً عنه وهو الذي يرفض تهميشه من قبل احد ومستعد لخوض معارك في الاستحقاقات المقبلة قد لا تكون بالضرورة مربحة وقد تحمل فوزا على الساحة الشمالية ومفاجآت خصوصاً مع تبدل الخريطة السياسية الشمالية ، فرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي لم يمنح الثقة للحكومة ووزير العدل أشرف ريفي وان ساءت علاقته مع فرنجية في الماضي فان الانتخابات ضد تيار المستقبل لها حساباتها وأوزانها وان كان مؤكدا بالنسبة الى كثيرين ان سليمان فرنجية لن يكون في الانتخابات في الشمال ضد تيار المستقبل او ان سعد الحريري لن يكون غير داعم له خصوصاً وان معالم لائحة كتائبية مستقبلية تلوح في البترون في مواجهة القوات والتيار الوطني الحر .
لا يسعى سليمان فرنجية حتى الساعة الى مراضاة العهد وكسب وده ولا يسعى للتقرب من الرئاسة ، يراقب زعيم زغرتا عن بعد مسار العلاقة الجديدة «والحميمية» بين التيار الوطني الحر والقوات ، هو لم ينس كيف ناور التيار وحاور لانتزاع حقائب قوية اساسية وخدماتية لحليفه في معراب ، وكل ما رافق المفاوضات ونقاشات تأليف الحكومة . ها هي ثنائية معراب والرابية المسيحية اليوم تخطط للمرحلة المقبلة لتحقيق تسونامي مسيحي في الانتخابات النيابية قد لا تتسع لتمرد الزعيم الزغرتاوي .