IMLebanon

«المردة» ومهمّة إنقاذ علاقة عون والحلفاء

تحكُم الواقعية سياسة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، فهو يعرف جيّداً حجمه الشعبي ويتصرّف على هذا الأساس، من دون أن يدفعه ذلك الى الركون مكانه، في وقت يواجه حليفه المسيحي العماد ميشال عون خصومه وجزءاً من حلفائه.

يعتمد تيار «المردة» النمط الكلاسيكي في سياسته المناطقية وعلى صعيد الوطن، ويتناغم مع حلفائه الى الحدود القصوى من دون أن يذوب في بحر التحالفات، أو أن يصبح أخيراً جزءاً بسيطاً من الإبريق البرتقالي الذي يشرب منه أصحاب النفوذ في المناطق.

قد يكون العامل المناطقي ثانوياً في المواجهات الكبرى، إلّا أنّ تدعيم الوضع الشعبي تمهيداً للانطلاق نحو المعركة الأساسية مهم للغاية، خصوصاً أنّ هدف الزعامات المارونية الوصول الى رئاسة الجمهوريّة.

لكنّ فرنجية يعرف أنّ حظوظه الرئاسيّة معدومة بسبب عدم قدرة المحور الإقليمي الذي ينتمي إليه على حسم المعركة الدائرة في سوريا والمنطقة. ومن هذا المنطلق ترتاح أجنحة قوى «8 آذار» في التعامل مع فرنجية أكثر من عون الذي يرفع سقف مطالبه الى حدّ تهديد النظام والبحث عن نظام حكم جديد لم تحن ساعته بعد.

سجَّل فرنجيّة مواقف معتدلة في الفترة الأخيرة أرضَت الخصوم قبل الحلفاء، بدءاً من رفضه طرح عون المؤيّد للفيدرالية وصولاً الى رفضه التهجّم على الجيش وقائده وعدم انجرار «المردة» الى لعبة الشارع، وبذلك يسلك فرنجية طريقاً أقرب الى التوافق، مستفيداً من صفحته الجديدة التي فُتحَت مع حزبي «القوات اللبنانية» والكتائب اللبنانية. لكن هل يدخل فرنجية على خط إصلاح العلاقة بين عون والحلفاء؟

لا يسقط تيار «المردة» من حساباته قيام فرنجية بمبادرة او اتصالات لرأب الصدع بين عون والحلفاء، لكنّه في المقابل يرى أنّ المشكلة أكبر من علاقة متوتّرة بين حليفين، بل هي أزمة مؤسّسات وشلّ البلد، وفراغ رئاسي، ولها ارتباطات اقليمية، فإذا حُلَّ سوء التفاهم بين عون والرئيس نبيه برّي، فلن تُحلّ مشكلة البلد، إذ إنّ السبب الأساس هو في انهيار الحوار بين عون وتيار «المستقبل»، على رغم استمرار الحوار بين «المستقبل» و»حزب الله»، وبين «التيار الوطني الحرّ» و»القوّات اللبنانية».

وتؤكّد مصادر قريبة من «المردة» أنّ المواجهة السياسية تأخذ اشكالاً جديدة ولم تعد ترتبط بـ»الستاتيكو» الداخلي، فهي خرجت من أيدي اللبنانيين وباتَ الحل النهائي في الخارج.

من هنا، فإنّ أقصى ما يمكن فعله داخلياً، هو تبريد الأجواء خصوصاً مع غياب أيّ مؤشر اتفاق مسيحي على انتخاب رئيس للجمهورية لأنّ التوافق صعب المنال، فمسار الحوار القواتي- العوني يصطدم بالرئاسة. أمّا بالنسبة إلى الحكومة، فإنّ «المردة» مع وزراء تكتل «التغيير والاصلاح» لا يريدون انهيارها لكنّهم ضدّ سياسة التفرّد. وبالتالي، فإنّ حواراً جماعياً يجب أن يحصل لضبط الوضع.

وتشدد المصادر على أنّ المبادرات مطلوبة من الجميع، و»حزب الله» هو أكثر مَن يمكنه رأب الصدع بين عون وبرّي، لكنّ سقف الصدام مضبوط.

يعرف تيار «المردة» أنّ المرحلة الحالية هي لتقطيع الوقت والحفاظ على حدٍّ مقبول من الأمن والاستقرار عبر دعم الجيش.

لذلك، فإنّ التصعيد ضد المؤسسة العسكرية مرفوض من أيّ طرف أتى، فيما إعادة تظهير الخلافات المسيحية والتقاتل في ما بينهم لا يخدم مصلحة أحد، بل إنّ الحوار في هذه المرحلة الحسّاسة هو السبيل الوحيد لإنقاذ الوضع ريثما تصِل التسوية الاقليمية والدولية.

تتّجه الأنظار الى الإتصالات الرفيعة المستوى التي تجري مع عون من أجل التهدئة وعدم الذهاب نحو التصعيد، خصوصاً أنّه قد هَدّد بمواجهة الأقدام وحيداً، لأنّ حلفاءه لن يلجأوا إلى لعبة الشارع في هذا الظرف الدقيق، وفي مقدّمهم تيار «المردة»، على رغم تأكيد الطرفين أنّ العلاقة استراتيجية ومستمرّة، لكنّ الشيطان يكمن في التفاصيل.