فتح زفاف النائب طوني فرنجية، قبل أسبوع، النقاش الرئاسي باكراً: في المشهد الزغرتاوي، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مرشح رئيسي بمواجهة وزير الخارجية جبران باسيل، وبعض الحسابات يميل الكفة لمصلحته، فيما الرؤية العونية تبعد فرنجية عن الحلبة، لتضع خصماً واحداً في الواجهة: رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع
العائدون من زفاف النائب طوني فرنجية، ابن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، يتحدثون عن «زفاف شعبي» الأسبوع الفائت. لكن التدقيق في المشهد الزغرتاوي كشف تجمّعاً سياسياً حول المرشح الرئاسي. وللنقاش هنا شقان: مرديّ وعونيّ.
تقول مصادر تيار المردة إن «حسابات (وزير الخارجية جبران) باسيل الخاطئة في المعركة الرئاسية المقبلة تجعله يقفل الحلبة على لاعبين اثنين لا غير: هو ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. التمثيل المسيحي يتحكم في النظرة العونية هنا، لكنّ الأصوات، «على الورقة والقلم» في مجلس النواب اليوم ترفع فرنجية الى رأس قائمة منافسي باسيل على الرئاسة. وجعجع ليس سوى خصم وهمي يصعب إيجاد كتلة واحدة تمنحه أصواتها أو حليف يلتزم بالاقتراع لمصلحته». التحدي الرئيسي بالنسبة إلى المردة عند اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، ألا يعيد حزب الله سيناريو الرئيس ميشال عون عبر تعطيل أي جلسة ما لم تكن نتيجتها مضمونة بوصول عون سابقاً وربما باسيل لاحقاً، رغم أن هناك من هو على ثقة بأن علاقة الحزب بعون شيء، وبباسيل شيء مختلف تماماً. وبرأي مرديين، فإن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله سيكون محرجاً إزاء تعطيل وصول فرنجية الى سدة الرئاسة ثلاث مرات: الأولى في عام 2004 عند التمديد للرئيس السابق إميل لحود، والثانية في عام 2016 عند منع عقد جلسة سوى في حال ضمان وصول عون، والثالثة في انتخابات 2022 المقبلة، لا سيما أن زعيم زغرتا حليف ثابت وتاريخي، ثوابته واضحة تجاه المقاومة وسوريا، وبالتالي لا حجة فعلية لمساندة غيره. باستثناء ذلك، كل الحسابات العملية تميل صوب معركة «على المنخار» بين باسيل وفرنجية، مع رجحان كفّة عددي في المجلس النيابي لمصلحة الثاني، وفق «مرديّين». تبقى النتيجة رهن بقاء التحالفات الحالية أو انقلاب المشهد السياسي: يعوّل المردة على طلاق بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، إذا ما سلّمنا بقوة العلاقة بين التيار العوني وحزب الله وحاجة الأخير السياسية إلى حليف مسيحي قويّ يدافع عن خيار المقاومة من على المنابر الدولية وداخلياً في مواجهة أجندة بعض الأحزاب تجاه ما يسمونه «السلاح غير الشرعي»، فيما التعويل الآخر يتمحور حول تحوّل جذري في المجلس النيابي عشية الانتخابات النيابية المقبلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية بأشهر قليلة. الرهان هنا على خسارة مدوية للتيار الوطني الحر نيابياً الى ما يوازي نصف الكتلة التي تمثله حالياً، لتسحب بساط التمثيل المسيحي الأقوى من باسيل، وبالتالي تضعف حظوظه الرئاسية.
على الضفة العونية، لا وجود حتى الساعة لمرشح اسمه سليمان فرنجية. معركة باسيل الأساسية ضد سمير جعجع؛ فرئيس تيار المردة بالنسبة إلى باسيل «مجرد زعيم مناطقي غير قادر على التمدد خارج حدود إمارته، وبالتالي عدد نوابه اليوم وغداً وبعده ثابت، ومن المستحيل مضاعفته». لذلك، جعجع هو الخصم الحقيقي الذي تتمحور حوله كل خطابات باسيل وعمله السياسي والاجتماعي والنقابي والجامعي… «فيما فرنجية لا يمكن أن يكون خصماً». تعزز «النظرية» هذه اعتقاد العونيين بأن انتخاب عون كرئيس مسيحي قوي وممثل لأكبر كتلة مسيحية أرسى معايير جديدة للمعركة الرئاسية وخطاً يصعب العودة الى ما قبله، وهو أن يكون الرئيس صاحب تمثيل مسيحي وازن.
في حسابات التيار، أرسى عون معايير رئاسية يصعب القفز فوقها وأوّلها التمثيل الشعبي القوي
قد يصحّ ذلك في نظام رئاسي مختلف يعتمد على انتخابات شعبية كما كان يطمح عون، إلا أن التصويت عبر المجلس النيابي يدحض نظرية باسيل، إلا إذا كان رئيس التيار الوطني الحر مدركاً بصورة مسبقة صعوبة، وحتى استحالة، انتخاب جعجع رئيساً للجمهورية، لكن القلق من حصد القوات في الانتخابات النيابية المقبلة لمقاعد نيابية تفوق مقاعد التيار العوني عددياً، ما يسمح لمعراب وخصوم باسيل بالقول له إنه ليس الزعيم المسيحي الأول، وبالتالي المقوّم الرئيسي لطرحه كمرشح أمر واقع غير موجود أساساً. على أن ثمة من يؤكد مصلحة كل أحزاب السلطة اليوم بالتمديد، ولو لفترة قصيرة، للمجلس النيابي الى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بما فيهم رئيس الحكومة الحالية سعد الحريري، ذلك لأنه لا أحد يسعه ضمان حصوله على النتيجة العددية نفسها بموجب القانون النسبي، وهناك مصلحة جماعية في الإبقاء على الوضع الآني. لكن، كل ما سبق في كفة وطريقة إدارة حزب الله للمعركة الرئاسية في كفة أخرى، بالنسبة إلى العونيين