تكبر المسافة بين بنشعي والرابية، وقد صارت الطريق بينهما ملأى بالحفر، فيما عبارات الود العلنية في الرسائل المتبادلة ما تزال تجمع بين زعيمي «التيار الوطني الحر» وتيار «المردة» العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية.
الموقف الاستراتيجي ما زال واحداً عند الرجلين، أما في التكتيك فإن لائحة المآخذ والتحفظات تطول، وليست قضية التمديد للقيادات العسكرية إلا آخر تلك العناوين التي يفترق فيها الطرفان، ويغني كل منهما على ليلاه.
للعماد عون فلسفته في الموضوع، وكذلك لائحة اتهامية لا بداية لها ولا نهاية حول استهدافه واستهداف المسيحيين.
وللنائب فرنجية قراءته وواقعيته، وكذلك لائحة ملاحظات تطورت إلى تحفظات على أداء العماد عون الذي يتعاطى بـ «فوقية سياسية» في بعض القضايا.
لا يختلف إثنان في تيار «المردة» على أن ثمة تحالفا ثابتا يجمع بين عون وفرنجية، وأن «البيك» ما يزال يضع في أولوياته إيصال الجنرال الى رئاسة الجمهورية، وتعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش في حال حصلت التعيينات، أما وقد حصل التمديد (بحسب أحد قياديي المردة) فان العماد جان قهوجي «صديق والعلاقة معه جيدة، وهو يقوم بواجباته على أكمل وجه، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يترك الجيش من دون قيادة، خصوصا في ظل الظروف الاستثنائية التي تواجهه في التصدي للارهاب».
من المسلمات لدى تيار «المردة»، أن لسليمان فرنجية زعامته المسيحية، وشخصيته وحضوره وطموحاته الرئاسية التي ما يزال يضعها في المرتبة الثانية خلف طموحات العماد عون، لكن ذلك لا يعني أنه يمكن أن يسير خلفه على «العمياني»، وهذا ما قاله فرنجية وكرره أكثر من مرة «لن نرضى بأن يتعاطى معنا أي فريق سياسي كأننا أتباع، ونحن لا نشارك في أي تحرك لا تتم إستشارتنا فيه مسبقا».
لذلك، تؤكد مصادر تيار «المردة» لـ «السفير» أن «طرح العماد عون النزول الى الشارع مجددا لا يعنينا وليس مطروحا لدينا، خصوصا أن سليمان بيك مسافر، وهكذا تحرك يحتاج الى تنسيق وتشاور وقرارات على مستوى عال جدا».
وتأخذ هذه المصادر على «التيار الوطني الحر» عدم مشاورة المردة في أي من التحركات الأخيرة التي يقوم بها، مؤكدة أن «أي تحرك يمكن أن يكون خاضعا للنقاش، فاما أن يقنعنا التيار الوطني الحر بوجهة نظره فنشارك معه في التحركات، أو أن نقنعه نحن بوجهة نظرنا».
وترى هذه المصادر أن الجنرال عون حرّ في أن يعبر عن مطالبه واحتجاجاته بالطريقة التي يراها مناسبة، وربما يكون قد استنفد كل الوسائل التي يملكها، ونحن معه في أن قضية التعيينات كانت تفتقر الى الجدية، لكننا في الوقت نفسه لا نرى أن النزول الى الشارع سيؤدي الى نتيجة إيجابية، علما أن التحرك في الشارع هو حق مكتسب لكل تيار سياسي، لكننا نفضل اللجوء الى وسائل أخرى للتعبير، خصوصا في ظل الظروف العصيبة التي يمر فيها لبنان، والحساسية المفرطة التي تسيطر على الشارع اليوم.
ترفض مصادر تيار «المردة» الدخول بين عون وبين قيادة الجيش، وتلفت الانتباه الى أن «العلاقة المتوترة القائمة اليوم هي مرحلية، خصوصا أن أقرب تيار سياسي بنظرنا الى الجيش هو التيار الوطني الحر، لا بل إن هذا التيار هو من رحم المؤسسة العسكرية. لذلك فان الامور لا بد وأن تحل، وأن تعود المياه الى مجاريها الطبيعية، وهذا الأمر يحدده عون وحده».
وتكرر هذه المصادر أن تيار «المردة» يقف الى جانب العميد شامل روكز في تعيينه قائدا للجيش، لكن في الوقت نفسه يعتبر العماد جان قهوجي «صديقاً».