يجلس تيار «المردة» على حافة المواقف. يعتبر أن الحالة التي وصل إليها البلد تفترض المزيد من التأني. الكلمة التي لا تفيد لا داعي لقولها في هذا الوضع المأزوم. وعليه، فإن الأولوية للتيار تبقى في «التركيز على التضامن الوطني في وجه المخاطر التي تحدق بالجميع، لأنه لا مكان لترف التجاذبات السياسية»، كما يقول وزير الثقافة روني عريجي. بالنسبة للوزير الهادئ، المقل في طلاته الإعلامية، فإن التركيز يجب أن ينصب أيضاً على دعم المؤسسات الأمنية وعدم التردد أو التلكؤ في تقديم كل المساندة للجيش.
انطلاقاً من مبدأ عدم الدخول في التجاذبات السياسية، يرفض عريجي الخوض طويلاً في تصريح الوزير نهاد المشنوق الأخير. يبدأ تعليقه بالتذكير أن لوزير الداخلية مواقف وطنية مشهودة ومتقدمة، خاصة في ما يتعلق بمحاربة التطرف. لكنه في المقابل، كان يفضل لو أن زميله طرح ملاحظاته، في ما يتعلق بالخطة الأمنية، داخل المؤسسات لا في الإعلام، حفاظاً على التماسك الوطني.
يرفض عريجي التعليق على حديث المشنوق عن «الصحوات»، لكنه يقول إن في لبنان مؤسسات تبسط سلطتها. لذلك، فإن مسؤولية محاربة «داعش» تقع على عاتق الجميع، كل في إطاره.
في هذا السياق، ثمة من يلوم «المستقبل» تحديداً على ارتباكه في التعامل مع التنظيمات الأصولية، خاصة أنه لا أحد يمكنه أن ينكر الدور المتقدم الذي يمكن له أن يلعبه في مكافحة هذه الآفة وتضييق الخناق عليها في المجتمع.
لا يجب أن يكون للحسابات السياسية مكان في التعامل مع هذه الظاهرة، بحسب عريجي. يعتبر أن مهادنة هذا الفكر بحجة الحفاظ على الشعبية لا بد أن تنعكس سلباً عليه، لأن هذا الفكر إذا ربح لن يعود هنالك حصة لأحد، وعليه، فإن الأولوية تبقى لمواجهته..
لا يربط «المردة» بين تهديد «داعش» وبين مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية. لكنه في الوقت نفسه، يرفض أن يتهم من يؤيد هذا الرأي بأنه يعطي الشرعية لـ«داعش» وأخواتها من التنظيمات الإرهابية. يذكّر وزير «المردة» أن «داعش» لا يحتاج إلى عذر من أحد لينفذ أجندته. ويقول إنه «عندما كسر الحدود بين العراق وسوريا لم يكسرها بسبب الشيعة أو المسيحيين إنما لينفذ مشروعه».
يخلص عريجي إلى أن «وجود حزب الله في موقع متقدم في سوريا للدفاع عن لبنان لن يغير شيئاً في الواقع». ويسأل من يعترض على وجود «حزب الله» في سوريا عن كيفية تبريره لهجمات التحالف التي تحارب «داعش» في قلب سوريا والعراق بحجة حماية الأمن العالمي.
ليس عريجي خائفاً على الجيش، كما أنه يرفض تضخيم عمليات الفرار التي تحصل، موضحاً أنها ليست انشقاقات إنما مجرد حالات فردية نبذتها بيئاتها قبل بقية اللبنانيين. يذكر أن عرسال وعكار هما الخزان الأساسي للجيش. وهما ما تزالان تشكلان الحاضنة الأولى له. يتوقف ملياً عند تأبين الجندي جان الهاشم، المشاركون في التشييع أكدوا أن لبنان بكل طوائفه إلى جانب الجيش.
إضافة إلى التضامن الوطني ودعم الأجهزة الأمنية، يعتبر عريجي أن عنصر الحماية الثالث يجب أن يتركز على مسألة التعامل مع مسألة النازحين السوريين والقيام بإجراءات تضمن عدم تحولهم إلى قنبلة موقوتة.
لا يختلف أحد في مجلس الوزراء في هذا الشأن، لذلك لم يخرج إلى العلن أي خلاف جدي يتعلق بالنازحين باستثناء مسألة إقامة مخيمات. وحتى هذا الخلاف انتهى عملياً إلى استبعاد الفكرة.
بالنسبة لـ«المردة»، فإن وجود مخيمات تضم خمسين ومئة ألف نازح سيكون من الصعب التعامل معها أمنياً وسياسياً ولوجستياً.
كثر وصفوا دعوة بلدية إهدن السوريين المقيمين في نطاقها إلى المغادرة بالعمل العنصري. الاتهام طال «تيار المردة» أيضاً. لكن وزير «المردة» له رأي آخر. يقول إن الموضوع أعطي أكثر من حجمه. ويضيف: إهدن تفرغ من أهلها في فصل الشتاء، وليس من المنطقي أن يبقى النازحون في القرية بعد مغادرة أهلها. إن ما طلبناه هو ان ينزلوا معنا إلى زغرتا.
واقعية «المردة» تتجلى في موقف عريجي من الشغور الرئاسي. يقول: نحن لا نرى أن ثمة إمكانية لانتخاب رئيس قريباً. يوضح أن التباعد السياسي محلياً وعدم الاستقرار إقليمياً لا يساهمان في تحريك الملف. لذلك، فالمطلوب «إما حل داخلي أو تدخل خارجي، وحتى الآن لا شيء يوحي بإمكانية حصول أي منهما».
تتهم «14 آذار» العماد ميشال عون بعرقلة الاستحقاق. لا يكترث «المردة» لهذه الاتهامات. يذكر أن لعون حيثية سياسية يجب على الجميع أن يحترمها، أما من يريد أن ينزل إلى المجلس فعون لا يمنعه، لكن في النهاية ثمة حق للنواب بعدم حضور الجلسات.
التوافق بين «المردة» و«التيار الوطني الحر» في مسألة حضور جلسات الانتخاب لا ينعكس على نظرتهما إلى التمديد. وكما صوت «المردة» في التمديد الأول بخلاف رأي «التكتل»، كذلك سيفعل في التمديد الثاني.
عريجي يميز بين الحلف الاستراتيجي مع التيار والانتماء إلى تكتل واحد وبين الحيثية السياسية لكل طرف.
وهو إذ يتفهم موقف «التيار» المبدئي في رفض التمديد، إلا أنه يقول إن «المردة» ينظر إلى الأمر بنظرة أكثر براغماتية. لذلك فهو يعتبر أن التمديد هو مسألة ضرورية، خاصة أن ثمة موانع أمنية وسياسية كبيرة تحول دون إجراء الاستحقاق في موعده.