IMLebanon

آذار

… أخاطبك وأنت بعد في حنايا فصل الشتاء، والأرض تنبض بما سيتفتح من داخلها لمّا يخرج الربيع من نافذة البرد. آذار، أما آن لك أن تنفض عنك يومين من أيامك الكثيرة ليرتاح لبنان، وطن أدونيس وعشتار وشقائق النعمان الحمراء، ونهر دافق من مغارة افقا التي حكت حكاية حب ثم قيامة؟

لم لا تنفضي عنك يومك الثامن ثم يومك الرابع عشر علّ غيمة الجهل تنقشع عن بصيرة لبنانيين انجرفوا وراء زعماء آذاريين، أهل فشل وطني، اخفقوا في فهم معنى الحق والعدل والخير للبشرية جمعاء، وللبنانيين مذهبيين الى أي خط سياسي انتموا، قبائل طائفية انكشفت اليوم بعدما سرقت منك يومين واسرت كل من وقع داخل قبضتها المتخلفة؟

كلما سقط حجر من بنيان لبنان الهش، وقد تفكك كله، مرحلة بعد مرحلة، عكست مرآة الأرض حقيقة صورتنا المهتزة، فلا يظنن أحد أننا أفضل حالاً من دول عربية انحلّت بعدما انطلت عليها كذبة ربيع عربي لو عصرته لما ملأ كأسك إلا حروباً حاملة كل نكهات المذاهب المتقاتلة من مئات السنين، مذهب ينتصر اليوم ليخسر غداً، وذاك يصيح أنه وحده يؤدي الواجب المقدّس لسماء أمطرت أرضنا الواسعة عقائد ومذاهب متقاتلة على مرّ التاريخ.

آه آذار، كلما صبغ دم أدونيس مياه نهر ابرهيم – عساه غير جدنا ابرهيم الذي أمره الإله بذبح ابنه ليتأكد من إخلاصه – فتنبت الشقائق الحمراء من الموت، وتحيا بين رطوبة الأرض وحرارة الشمس، وتتجدد الحياة كل ربيع، فمتى يتجدد إنسان لبنان؟ ولماذا منذ أسبوع لمّا وقعت واقعة تخلية ميشال سماحة بأمر من محكمة التمييز العسكرية التي أبقته قيد التحقيق، ممنوعاً من السفر، لماذا صار اللبنانيون، ركاب يومك الرابع عشر قضاة؟ صاروا كلهم قضاة غاضبين مطالبين بإرجاع المتهم الى السجن ولا يرضون بأقل من إعدامه؟

أما ركّاب يومك الثامن فذكّروا خصومهم بجرائم كثيرة أفظع من جريمة سماحة وقد ظلّت من دون عقاب. وتحدث الجميع عن الشهادة والشهداء وسط دموع تماسيح تقول إنهم كلهم يناضلون في سبيل وطن حر… وتوابعه.

وكل هذا كذب “صادق” طالع من قلب كل من غمس اصابعه في دم الكيدية اللبنانية المقيتة، تتنقل داخل الزمن بلا هدف وبلا مبالاة.

آذار، “زعماؤنا” قراصنة عتاق، وخلف ضباب الشتاء دخان مذهبي خانق أسود، أنقذنا، فقد طفح الكيل.