مساء 13 آذار 2005، أضاء شباب لبنان ساحة الشهداء بالشموع المحمولة بأكفهم لوحة الحقيقة، استعداداً لأضخم اعتصام يدعو اليه «تيار المستقبل» وقوى المعارضة تحت عنوان «الولاء للبنان والوفاء للرئيس الشهيد رفيق الحريري».
بثّت قوى الموالاة شائعات في وسائلها لتخويف اللبنانيين وردعهم عن المشاركة في اعتصام الإثنين 14 آذار.
كشف النائب محسن دلّول عن اتفاق تم بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورئيس الجمهورية إميل لحود وجهات أخرى عندما ترك رئاسة الحكومة، وشرح «ينص هذا الاتفاق على أن تتم المحافظة على أمن داره وأن يعطى عناصر أمنية لأجل ذلك. وتمت الموافقة على طلبه، ولكن وبعد فترة وجيزة سبقت الجريمة تم سحب هذه العناصر، الأمر الذي دفع الرئيس الحريري، وبحضوري، الى إجراء اتصالات شملت عدداً من المعنيين لمعرفة الأسباب، لكن دون جدوى، وعندما تم العثور على هذا المسؤول قال لمراجعيه: الرئيس الحريري معو مصاري ليستأجر ناس».
وكرر النائب أكرم شهيّب الدعوة الى تشكيل لجنة تحقيق دولية، بعدما أكد أن «معالم الجريمة طارت».
وصدرت جملة مواقف ردّت على ما تضمنه لقاء رئيس الجمهورية اميل لحود مع مجلس نقابة المحررين. فقال رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط «غريب وكأنه يبشّر باغتيالات وأحداث أخرى، فهذا الجالس في بعبدا إما مجنون وإما يعرف ماذا يفعل وهو مستمر في فعله. وإذا لم يُعد النظر باستقلالية الأجهزة الأمنية وحصانتها لبنانياً فنكون ما زلنا في مكاننا. لذلك نطالب باستقالة رؤساء كل الأجهزة من جميل (السيّد) ونازل».
وتمنّى النائب غازي العريضي «لو بقي رئيس الجمهورية صامتاً (…) بعدما فقد اللبنانيون الأمل بتغيير أي شيء في ظل حكمه». وقال «إن مفهوم اليد الممدودة عند لحود لمسناه في التعديات والمداهمات والاعتقالات واستهداف الناس من بيروت الى طرابلس».
وأسف النائب نسيب لحود لوصف رئيس الجمهورية الجريمة بعبارة «رذالة» وقال: «ما حصل يشكل فاجعة تناولت لبنان والعالم العربي وهي من أكبر الكوارث التي حصلت في لبنان».
تساءل النائب محمد قباني «إذا كان اغتيال عظيم لبنان ومفخرته في العالم رفيق الحريري في نظر رئيس الجمهورية رذالة، فكيف تكون الجريمة إذاً؟». واعتبر النائب وليد عيدو وصف لحود للجريمة بالرذالة بأنه معيب.
البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير رفض اتهام «حزب الله» بالإرهاب لأنه مكوّن من شباب لبنانيين، مشيراً الى أنه قوة لا يمكن تجاهلها «لكن عليها أن تنخرط في الحياة السياسية اللبنانية». وأوفد صفير الى الأمين العام لـ«حزب الله»، المعاون البطريركي المطران سمير مظلوم وحارس شهاب اللذين سيلتقيانه، قبل ظهر الغد 14 آذار. وتوجّه صفير الى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي جورج بوش حاملاً معه ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري بهدف تكثيف الجهود الدولية الرامية الى كشف الحقيقة.
وفي لبنان، واصل ممثل الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن مساعيه لتنفيذ القرار 1559 بعدما حصل على جدول زمني بذلك من الرئيس السوري بشار الأسد. وكان لافتاً أن لارسن قال بعد اجتماعه مع رئيس الجمهورية «لقد اتفقنا سوياً على أن الانتخابات النيابية المقبلة يجب أن تجري في مواعيدها وبطريقة نزيهة وحرّة».
وأعلنت وزيرة المغتربين السورية بثينة شعبان أن القوات السورية ستنسحب من لبنان على الأرجح قبل موعد اجراء الانتخابات التشريعية في هذا البلد.
أما وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس فاعتبرت أن ثمة «عناصر ايجابية» في اعلان سوريا قرارها سحب قواتها من لبنان، لكنها أشارت الى أن واشنطن ستستمر في الضغط على دمشق من أجل الالتزام الكامل بالقرار 1559.
وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي جان بيار رافاران أن فرنسا تنتظر «انسحاباً للقوات وأجهزة الاستخبارات السورية من لبنان في إطار جدول زمني واضح».
وعربياً، رحّب وزير الخارجية البحريني الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة «بالقرار الحكيم الذي اتخذه الرئيس السوري بشار الأسد للانسحاب من لبنان باعتباره خطوة ايجابية نحو تطبيق القرار 1559».
وأعرب وزراء خارجية السعودية والكويت وقطر وعمان والبحرين والامارات عن «استنكارهم الشديد للانفجار الآثم الذي ادى الى استشهاد رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري»، ودعوا الى «التحقيق بالسرعة والشفافية في هذا الحادث».