14 آذار 2005 – 14 آذار 2017. إثنا عشر عاماً على الإنتفاضة، فماذا بقي منها؟
وأين هي اليوم؟
وماذا تحقق من شعاراتها؟
بدايةً، 14 آذار قامت رداً على الإستفزاز، وفي ذكرى مرور شهر على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكما شعارات 14 آذار هي من كلِّ الشعب إلى كلِّ الشعب، هكذا الرئيس رفيق الحريري أصبح ملك الوجدان اللبناني لأنَّه أصبح رمز الإستقلال الثاني.
***
ولأنَّ الشعارات كانت وطنية، فإنَّ ساحة الشهداء في وسط بيروت غصَّت بأكثر من مليون ونصف مليون لبناني، جاؤوا من الشمال والجنوب والبقاع والجبل وبيروت. لم يكن أحدٌ من المراقبين الداخليين والخارجيين، يتوقع أن يشاهد هذه اللوحة المليونية التي فاجأت الجميع وصدمت الجميع. فمن أين جاء هذا الشعب اللبناني الحيّ بهذه الطاقة الهائلة على تنظيم نفسه؟
وكيف استطاع جعل القادة يلتحقون بهذا التجمّع العظيم؟
المليون والنصف مليون الذين نزلوا إلى ساحة الشهداء في وسط بيروت هُم أبناؤنا وأحفادنا، هم المعلِّمون والمعلِّمات، هُم الطلاب الجامعيون والثانويون، هم النقابات والعمال، هم النخبة من المفكرين والأدباء والشعراء… جمعهُم علمٌ واحد هو العلم اللبناني، وأنشدوا نشيداً واحداً هو النشيد الوطني اللبناني.
لم يُسجِّلوا أسماءهم لدى حزب أو تيار، ولم يشترطوا حصولهم على قسائم محروقات، نزلوا صادقين، عائلات بأكملها:
الأب والأم والأولاد، شعروا أنَّ هذه الفرصة هي تاريخية ولن تتكرر وصدقوا حدْسَهُم، فالفرصة كانت تاريخية ولم تعد تتكرر منذ ذلك الحين.
هؤلاء هم شعب 14 آذار، فلا يحاول أحدٌ من السياسيين والقادة والزعماء أن يسرق من هذا الشعب هذا الحلم وأن يُجيره لطموحاته السياسية وأطماعه الإنتخابية.
***
انتفاضة الإستقلال في 14 آذار 2005 هي التي شكَّلت التيار الجارف الذي أوصل 74 نائباً إلى الندوة البرلمانية، في أكبر كتلة نيابية في تاريخ لبنان.
***
اليوم يكاد المشهد أن يكون منهاراً، وتكاد اللوحة أن تكون ممزقة. ومع ذلك فإنَّ عدداً من الناشطين والأحزاب التي كانت تنضوي تحت جناح هذا الفريق، يصرون على الإحتفال بالذكرى، كلٌّ في موقعه، وعلى طريقته، أما لماذا؟
فلأنَّ لا أحد قادراً على احتوائها بتيار أو بحزب أو حتى بأمانة عامة، فحركة 14 آذار هي ملك مليون ونصف مليون لبناني، لا تُجيَّر ولا تُختَزل، ومَن يتخلى عنها فالأصح أنَّها هي التي تتخلى عنه، لأنَّها تكره الأطر الحزبية والحركية فهي منفتحة لكلِّ الناس وليست متأطرة.
***
14 آذار باقية في الوجدان، ومَن تخلَّى عنها تتخلى عنه.
يبقى أنَّ التيار الوطني الحر الذي له 14 آذار أيضاً، يحتفل فيها على طريقته، فذكرى 14 آذار بالنسبة إلى التيار الوطني الحرّ هي واحدة في 14 آذار 1989 وواحدة في 14 آذار 2005.
منذ 28 عاماً، في 14 آذار 1989، أعلن العماد عون حرب التحرير.
وفي 14 آذار 2005 شارك في بدء استكمال التحرير.
وها هو التيار الوطني الحرّ برئاسة جبران باسيل اليوم يستذكر المناسبتين ويرفض أن يضعهما في خانة النسيان.